كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

أنه لم يكن المراد في الحديث مافي الآية وإلا لزم أنه لا ولاية للسلطان إلا عند عدم المؤمنين وهو باطل لأنه أحدهم بل له مزية عليهم لا توجد في أفرادهم وإذا ثبت أنه لم يكن المراد بالولي في الحديث الأولياء المذكورين في الآية فليس بعض من يصدق عليه اسم الإيمان أولى من بعض إلا بالقرابة ولا ريب أن بعض القرابة أولى من بعض وهذه الأولوية ليست باعتبار استحقاق نصيب من المال أو استحقاق التصرف فيه حتى يكون كالميراث أو كولاية الصغير بل باعتبار أمر آخر وهو ما يجده القريب من الغضاضة التي هي العار اللاصق به وهذا لا يختص بالعصبات كما بينا بل يوجد في غيرهم ولا شك أن بعض القرابة أدخل في هذا الأمر من بعض فالآباء والأبناء أولى من غيرهم ثم الإخوة لأبوين ثم الإخوة لأب أو لأم ثم أولاد البنات ثم أولاد الإخوة وأولاد الأخوات ثم الأعمام والأخوال ثم هكذا من بعد هؤلاء ومن زعم الاختصاص بالبعض دون البعض فليأتنا بحجة وإن لم يكن بيده إلا مجرد أقوال من تقدمه فلسنا ممن يعول على ذلك وبالله التوفيق * قال في الحجة: وفي اشتراط الولي في النكاح تنويه أمرهم واستبداد النساء بالنكاح وقاحة منهن منشؤها قلة الحياء واقتصاب على الأولياء وعدم اكثرات بهم وأيضا يجب أن يميز النكاح من السفاح بالتشهير وأحق التشهير أن يحضر أولياؤها ولا يجوز أن يحكم في النكاح النساء خاصة لنقصان عقلهن وسوء فكرهن فكثيرا ما لا يهتدين للمصلحة ولعدم حماية الحسب منهن غالبا فربما رغبن في غير الكفء وفي ذلك عار على قومها فوجب أن يجعل للأولياء شئ من هذا الباب لتسد المفسدة وأيضا فإن السنة الفاشية في الناس من قبل ضرورة أنهن عوان1 بأيديهم وهو قوله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} انتهى. قال الشافعي: لا ينعقد نكاح امرأة إلا بعبارة الولي القريب فإن لم يكن فبعبارة الولي البعيد فإن لم يكن فبعبارة السلطان فإن زوجت نفسها أوغيرها بإذن الولي أو بغير إذنه بطل ولم يتوقف وتأويل قوله "لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها" لا يزوجها إلا وكيل الولي ويفهم تزوجيها بنفسه بالأولى وقال أبو حنيفة: ينعقد نكاح المرأة الحرة العاقلة البالغة برضاها وإن لم يعقد ولي بكرا كانت أو ثيبا
__________
1 العوان من النساء هي التي قد كان لها زوج وقيل الثيب.

الصفحة 13