كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ولما في الصحيحين من حديث ابن مسعود قال "كنا نغرو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس معنا نساء فقلنا ألا نختصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا بعد أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل "وفي الباب أحاديث وثبت النسخ من حديث جماعة فأخرج مسلم وغيره من حديث سبرة الجهني "أنه غزا مع النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فتح مكة فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في النساء قال فلم يخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم "وفي لفظ من حديثه "وأن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة" وأخرج الترمذي عن ابن عباس "إنما كانت المتعة في أول الإسلام حتى نزلت هذه الآية {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} " وفي الصحيحين من حديث علي "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر" والأحاديث في هذا الباب كثيرة والخلاف طويل وقد استوفاه الماتن في نيل الأوطار ورواية من روى تحريمها إلى يوم القيامة هي الحجة في هذا الباب وهذا نهي مؤبد وقع في آخر موطن من المواطن سافر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعقبه موته بعد أربعة أشهر فوجب المصير إليه ولا يعارضه ما روي عن بعض الصحابة أنهم ثبتوا على المتعة في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد موته إلى آخر أيام عمر كما زعمه صاحب ضوء النهار فإن من النسخ المؤبد حجة على من لم يعلم واستمرار من استمر عليها إنما كان لعدم علمه بالناسخ وأما ما صار يهول به جماعة من المتأخرين من أن تحليل المتعة قطعي وحديث تحريمها على التأبيد ظني والظني لا ينسخ القطعي حتى قال المقبلي إن الجمهور لم يجدوا جوابا على هذا فيقال: إن كان كون التحليل قطعيا لكونه منصوصا عليه في الكتاب العزيز فذلك وإن كان قطعي المتن فليس بقطعي الدلالة لأمرين أحدهما: أنه يمكن حمله على الاستمتاع بالنكاح الصحيح الثاني: أنه عموم وهو ظني الدلالة على أنه قد روى الترمذي عن ابن عباس أنه قال "إنما كانت المتعة حتى نزلت هذه الآية {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} قال ابن عباس فكل فرج سواهما حرام" وهذا يدل على التحريم بالقرآن فيكون ما هو قطعي المتن ناسخا لما هو قطعي المتن وإن كان التحليل قطعيا لكونه قد وقع الإجماع من الجميع عليه في أول الأمر فيقال وقد وقع الإجماع أيضا عل التحريم في الجملة عند الجميع وإنما

الصفحة 16