كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

الخلاف في التأبيد هل وقع أم لا وكون هذا التأبيد ظنيا لا يستلزم ظنية التحريم الذي وقع النسخ به فالحاصل أن الناسخ للتحليل المجمع عليه هو التحريم المجمع عليه المقيد بقيد ظني وهو التأبيد فالناسخ والمنسوخ قطعيان هذا على التسليم ناسخ القطعي لا يكون إلا قطعيا كما قرره جمهور أهل الأصول وإن كنت لا أوافقهم على ذلك. والتحليل حرام لحديث ابن مسعود عند أحمد والنسائي والترمذي وصححه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلِّل والمحلَّل له" وصححه أيضا ابن القطان وابن دقيق العيد وله طريق أخرى أخرجها عبد الرزاق وطريق ثالثه أخرجها اسحق في مسنده وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي وصححه ابن السكن من حديث علي مثله وخرج ابن ماجه والحاكم من حديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بالتيس المستعار قالوا بلى يا رسول الله قال: هو المحلل لعن الله المحلل والمحلل له" وفي إسناده يحيى بن عثمان وهو ضعيف وقد أعل بالإرسال وأخرج أحمد والبيهقي والبزار وابن أبي حاتم والترمذي في العلل من حديث أبي هريرة نحوه وحسنه البخاري وأخرج الحاكم والطبراني في الأوسط من حديث عمر "أنهم كانوا يعدون التحليل سفاحا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال في تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين رواه ابن ماجه بإسناد رجاله موثقون وصح عن عمر أنه قال: لا أوتى بمحلل ومحلل له إلا رجمتهما رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفهما وابن المنذر في الأوسط وروى ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه سئل عن ذلك فقال كلاهما زان والكلام في ذلك عن الصحابة والتابعين طويل قد أطال شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية الكلام عليه وأفرده مصنفا سماه بيان الدليل على إبطال التحليل انتهى. أقول حديث لعن المحلل مروي من طريق جماعة من الصحابة بأسانيد بعضها صحيح وبعضها حسن واللغن لا يكون إلا على أمر جائز في الشريعة المطهرة بل على ذنب هو من أشد الذنوب فالتحليل غير جائز في الشرع ولو كان جائزا لم يلعن فاعله والراضي به وإذا كان الفاعل يدل على تحريم فعله لم تبق صيغة تدل على التحريم قط وإذا كان هذا الفعل حراما غير جائز في الشريعة فليس هو النكاح الذي

الصفحة 17