كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

ذكره الله في قوله {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} كما أنه لوقال لعن الله بائع الخمر لم يلزم من لفظ بائع أنه قد جاز بيعه وصار من البيع الذي أذن فيه بقوله {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} والأمر ظاهر قال ابن القيم ونكاح المحلل لم يبح في ملة من الملل قط ولم يفعله أحد من الصحابة ولا أفتى به واحد منهم ثم سل من له أدنى اطلاع على أحوال الناس كم من حرة مصونة أنشب فيها المحلل مخالب إرادته فصارت له بعد الطلاق من الأخدان وكان بعلها منفردا بوطئها فإذا هو والمحلل ببركة التحليل شريكان فلعمر الله كم أخرج التحليل مخدرة من سترها إلى البغاء بين مرامين العشراء والحرماء ولولا التحليل لكان منال الثريا دون منالها والتدرع بالأكفان دون التدرع بجمالها وعناق القنا دون عناقها والأخذ بذراع الأسد دون الأخذ بساقها وأما هذه الأزمان التي شكت الفروج فيها إلى ربها من مفسدة التحليل وقبح ما يرتكبه المحللون مما هو رمد بل عمى في عين الدين وشجا في حلوق المؤمنين من قبائح تشمت أعداء الدين به وتمنع كثيرا ممن يريد الدخول فيه بسببه بحيث لا يحيط بتفاصليها خطاب ولا يحصرها كتاب يراها المؤمنون كلهم من أقبح القبائح ويعدونها من أعظم الفضائح قد قلبت من الدين رسمه وغيرت منه اسمه وضمخ التيس المستعار فيها المطلقة بنجاسة التحليل وزعم أنه قد طيبها للتحليل فيالله العجب أي طيب أعارها هذا التيس الملعون وأي مصلحة حصلت لها ولمطلقها بهذا الفعل الدون إلى غير ذلك انتهى وقد أطال رحمه الله تعالى في تخريج أحاديث التحليل في إعلام الموقعين إطالة حسنة فليراجع "وكذلك الشغار" لثبوت النهي عنه كما في حديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما "أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم نهى عن الشغار" وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة قال "نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن الشغار والشغار أن يقول الرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي" وأخرج مسلم أيضا من حديث ابن عمر "أن النبي صلى ا. لله وسلم عليه قال "لا شغار في الإسلام" وفي الباب أحاديث قال ابن عبد البر أجمع العلماء على أن نكاح الشغار لا يجوز ولكن اختلفوا في صحته والجمهور على البطلان قال الشافعي هذا النكاح باطل كنكاح المتعة وقال أبو حنيفة جائز ولكل واحد منهما مهر مثلها انتهى.

الصفحة 18