كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

وجه صحيح ويؤيده ما سيأتي فيمن أسلم وعنده أكثر من أربع. وأما الاستدلال بقوله تعالى {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} ففيه ما أوضحه الماتن في شرح المنتقى وفي حاشية الشفاء وقد قيل إنه لا خلاف في تحريم الزيادة على الأربع وفيه نظر كما أوضحه هنالك. أقول: قال الماتن رحمه الله تعالى في كتابه السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار أما الاستدلال على تحريم الخامسة وعدم جواز زيادة على الأربع بقوله عز وجل {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} فغير صحيح كما أوضحته في شرحي للمنتقي ولكن الاستدلال على ذلك بحديث قيس بن الحرث وحديث غبلان الثقفي وحديث نوفل ابن معاوية وحديث نوفل بن معاوية هو الذي ينبغي الاعتماد عليه وإن كان في كل أحد منها مقال لكن الإجماع على ما دلت عليه قد صارت به من المجمع على العمل عليه وقد حكى الإجماع صاحب فتح الباري والمهدي في البحر والنقل عن الظاهرية لم يصح فإنه قد أنكر ذلك منهم من هو أعرف بمذهبمهم وأيضا قد ذكرت في تفسيري الذي سميته فتح القدير تصحيح بعض هذه الأحاديث وأطلت المقال في ذلك فليرجع إليه انتهى. وقال في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار حديث قيس بن الحرث وفي رواية الحرث بن قيس في إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد ضعفه غير واحد من الأئمة قال أبو القاسم البغوي ولا أعلم للحارث بن قيس حديثا غير هذا وقال أبوعمر النمري1 ليس له إلا حديث واحد ولم يأت به من وجه صحيح وفي معنى هذا الحديث حديث غيلان الثقفي وهو عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال "أسلم غيلان الثقفي وتحته عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه فأمره النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أن يختار منهن أربعا "رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحكم أبو حاتم وأبو زرعة بأن المرسل أصح وحكى الحاكم عن مسلم أن هذا الحديث مما وهم فيه معمر بالبصرة قال فإن رواه عنه ثقة خارج البصرة حكمنا له بالصحة وقد أخذ ابن حبان والحاكم والبيهقي بظاهر الحكم وأخرجوه من طرق عن معمر من حديث أهل الكوفة وأهل خراسان وأهل اليمامة عنه قال الحافظ ولا يفيد ذلك شيئا فإن هؤلاء كلهم إنما
__________
1 هو ابن عبد البر وقد ظهر من هذا خطأ الشارح في تعبيره فيما مضى

الصفحة 25