كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

سمعوا منه بالبصرة وعلى تقدير أنهم سمعوا بغيرها فحديثه الذي حدث به في غير بلده مضطرب لأنه كان يحدث في بلده من كتبه على الصحة وأما إذا رحل فحدث من حفظه بأشياء وهم فيها اتفق على ذلك أهل العلم كابن المديني والبخاري وابن أبي حاتم ويعقوب ابن شيبة وغيرهم وحكى الأثرم عن أحمد أن هذا الحديث ليس بصحيح والعمل عليه وأعله بتفرد معمر في وصله وتحديثه به في غير بلده وقال ابن عبد البر طرقه كلها معلولة وقد أطال الدارقطني في العلل تخريج طرقه ورواه ابن عيينة ومالك عن الزهري مرسلا ورواه عبد الرزاق عن معمر كذلك وقد وافق معمرا على وصله بحر بن كنيز1 السقاء عن الزهري ولكنه ضعيف وكذا وصله يحيى بن سلام عن مالك ويحيى ضعيف وفي الباب عن نوفل بن معاوية عند الشافعي "أنه أسلم وتحته خمس نسوة فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أمسك أربعا وفارق الأخرى "وفي إسناده رجل مجهول لأن الشافعي قال حدثنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد عن عبد المجيد بن سهل عن عوف بن الحرث عن نوفل بن معاوية قال أسلمت فذكره وفي الباب أيضا عن عروة بن مسعود وصفوان بن أمية عند البيهقي وقوله "اختر منهن أربعا "استدل به الجمهور على تحريم الزيادة على أربع وذهبت الظاهرية إلى أنه يحل للرجل أن يتزوج تسعا ولعل وجهه قوله تعالى {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} ومجموع ذلك لا باعتبار ما فيه من العدل تسع وحكي ذلك عن ابن الصباغ والعمراني وبعض الشيعة وحكي أيضا عن القاسم بن إبراهيم وأنكر الإمام يحيى الحكاية عنه وحكاه صاحب البحر عن الظاهرية وقوم مجاهيل وأجابوا عن حديث قيس بن الحرث المذكور بما فيه من المقال المتقدم وأجابوا عن حديث غيلان الثقفي بما تقدم فيه من المقال وكذلك أجابوا عن حديث نوفل بن معاوية بما قدمنا من كونه في إسناده مجهول قالوا ومثل هذا الأصل العظيم لا يكتفى فيه بمثل ذلك ولا سيما وقد ثبت أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قد جمع بين تسع أو إحدى عشرة وقد قال تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}
__________
1 في الأصل "بحر كنيز"وهو خطأ وكنيز بنون وزاي مصغر وضبطه عبد الغني بفتح الكاف وبحر هذا ضعيف جدا مات سنة 160.

الصفحة 26