كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

لو كان مطلقا كما يقال اقتسموا الدراهم ويراد بها ما كسبوه فليس المعنى هكذا والآية من الباب الآخر لا من الباب الأول على أن من قال لقوم يقتسمون مالا معينا كبيرا اقتسموه مثنى وثلاث ورباع فقسموا بعضه بينهم درهمين درهمين وبعضه ثلاثة ثلاثة وبعضه أربعة أربعة كان هذا هو المعنى العربي ومعلموم أنه إذا قال القائل جاءني القوم مثنى وهم مائة ألف كان المعنى أنهم جاءوه اثنين اثنين وهكذا جاءني القوم ثلاث ورباع والخطاب للجميع بمنزلة الخطاب لكل فرد فرد كما في قوله تعالى {اقتلوا المشركين} {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ونحوها ومعنى قوله {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} لينكح كل فرد منكم ما طاب له من النساء اثنتين اثنتين وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا هذا ما تقتضي لغة العرب فالآية تدل على خلاف ما استدلوا به عليه ويؤيد هذا قوله تعالى في آخر الآية {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} فإنه وإن كان خطابا للجميع فهو بمنزلة الخطاب لكل فرد فرد فالأولى أن يستدل على تحريم الزيادة على الأربع بالسنة لا بالقرآن وأما استدلال من استدل بالآية على جواز نكاح التسع باعتبار الواو الجامعة وكأنه قال انكحوا مجموع هذا العدد المذكور فهذا جهل بالمعنى العربي ولو قال انكحوا اثنتين وثلاثا وأربعا كان هذا القول له وجه وأما مع المجيء بصيغة العدل فلا وإنما جاء سبحانه بالواو الجامعة دون أو لأن التخيير يشعر بأنه لا يجوز إلا أحد الأعداد المذكورة دون غيره وذلك ليس بمراد من النظم القرآني وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وابن ماجه والدارقطني عن ابن عمر "أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم اختر منهن "وفي لفظ "أمسك منهن أربعا وفارق سائرهن "وروي هذا الحديث بألفاظ من طرق وعن نوفل بن معاوية الديلي قال "أسلمت وعندي خمس نسوة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أمسك أربعا وفارق الأخرى" أخرجه الشافعي في مسنده وأخرج ابن ماجه والنحاس في ناسخه عن قيس بن الحرث الأسدي قال "أسلمت وكان تحتي ثمان نسوة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال " اختر منهن أربعا وخل سائرهن ففعلت" وهذه شواهد للحديث الأول كما قال البيهقي
وعن الحكم قال أجمع أصحاب رسول الله صلى الله وسلم

الصفحة 28