كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)
حديث أنس نحوه قلت وعلى هذا أهل العلم "وقد ثبت القطع في جحد العارية" لما أخرجه مسلم وغيره من حديث عائشة قالت: "كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بقطع يدها"وأخرج أحمد والنسائي وأبو داود وأبو عوانة في صحيحه من حديث ابن عمر مثل حديث عائشة وقد ذهب إلى قطع جاحد العارية من لم يشترط الحرز وهم من تقدم وذهب الجمهور إلى أنه لا يقطع يد جاحد العارية قالوا: لأن الجاحد للعارية ليس بسارق لغة وإنما ورد الكتاب والسنة بقطع السارق ويرد بأن الجاحد إذا لم يكن سارقا لغة فهو سارق شرعا والشرع مقدم على اللغة وقد ثبت الحديث من طريق عائشة وابن عمر كما تقدم وكذا من حديث جابر وابن مسعود وغير هؤلاء وقد وقع في رواية من حديث ابن مسعود عند ابن ماجه والحاكم وصححه "أنها سرقت قطيفة من بيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "ووقع في مراسيل حبيب بن أبي ثابت "أنها سرقت حليا "فيمكن أن تكون هذه المخزومية قد جمعت بين السرقة وجحد العارية.
"باب حد القذف"
رمي المحصنات بالزنا كبيرة قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} واتفق على ذلك المسلمون "من رمى غيره بالزنا وجب عليه حد القذف ثمانين جلدة" لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} وقد أجمع أهل العلم على ذلك واختلفوا هل ينصف للعبد أم لا فذهب الأكثر إلى الأول وروى مالك عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: "أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جرا فما رأيت أحدا جلد عبدا في فرية أكثر من أربعين "وذهب ابن مسعود والليث والزهري والأوزاعي وعمر بن عبد العزيز وابن حزم إلى أنه لا ينصف لعموم الآية. أقول: الآية الكريمة عامة يدخل تحتها الحر والعبد والغضاضة بقذف العبد للحر أشد منها بقذف الحر للحر وليس في حد القذف ما يدل على تنصيفه للعبد لا من الكتاب