كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

على أن المملوك لا يجمع من النساء فوق اثنتين انتهى كلامه وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ينكح العبد امرأتين ويطلق تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين رواه الدارقطني قال الماتن رحمه الله في نيل الأوطار قد تمسك بهذا من قال إنه لا يجوز للعبد أن يتزوج فوق اثنتين وهو مروي عن علي وزيد بن علي والناصر والحنفية والشافعية ولا يخفى أن قول الصحابي لا يكون حجة على من لم يقل بحجيته نعم لو صح إجماع الصحابة على ذلك لكان دليلا عند القائلين بحجية الإجماع ولكنه قد روي عن أبي الدرداء ومجاهد وربيعة وأبي ثور والقاسم بن محمد وسالم أنه يجوز له أن ينكح أربعا كالحر حكى ذلك عنهم صاحب البحر فالأولى الجزم بدخوله تحت قوله تعالى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} والحكم له وعليه بما للأحرار وعليهم إلا أن يقوم دليل يقتضي المخالفة كما في المواضع المعروفة بالتخالف بين حكميهما انتهى.
ويوضح ذلك ما حرره الماتن رحمه الله تعالى في وبل الغمام حاشية شفاء الأوام وعبارته هكذا: الذي نقله إلينا أئمة اللغة والإعراب وصار كالمجمع عليه عندهم أن العدل في الأعداد يفيد أن المعدود لما كان متكثرا يحتاج استيفاؤه إلى أعداد كثيرة كانت صيغة العدل المفردة في قوة تلك الأعداد فإن كان مجيء القوم مثلا اثنين اثنين أو ثلاثة ثلاثة أو أربعة أربعة وكانوا ألوفا مؤلفة فقلت جاءني القوم مثنى أفادت هذه الصيغة أنهم جاءوا اثنين اثنين حتى تكاملوا فإن قلت مثنى وثلاث ورباع أفاد ذلك أن القوم جاءك تارة اثنين اثنين وتارة ثلاثة ثلاثة وتارة أربعة أربعة فهذه الصيغ بينت مقدار عدد دفعات المجيء لا مقدار عدد جميع القوم فإنه يستفاد منها أصلا بل غاية ما يستفاد منها أن عددهم متكثر تكثرا تشق الإحاطة به ومثل هذا إذا قلت نكحت النساء مثنى فإن معناه نكحتهن اثنتين اثنتين وليس فيه دليل على أن كل دفعة من الدفعات لم يدل في نكاحه إلا بعد خروج الأولى كما أنه لا دليل في قولك جاءني القوم مثنى أنه لم يصل الاثنان الآخران إليك إلا وقد فارقك الاثنان الأولان إذا تقرر هذا فقوله تعالى {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} يستفاد منه جواز نكاح النساء اثنتين اثنتين وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا والمراد جواز تزوج كل دفعة من هذه الدفعات في وقت من الأوقات وليس في هذا تعرض لمقدار عددهن بل

الصفحة 29