كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

غير النبي صلى الله عليه وسلمبين أكثر من أربع. وأما العبد فأكثر الأمة على أنه لا ينكح أكثر من امرأتين وفي الآية ما يدل على أنها في الأحرار وهو قوله {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وملك اليمين لا يكون إلا للأحرار انتهى وأما العدد الذي يحل للعبد فقد حكى البيهقي وابن أبي شيبة أنه أجمع الصحابة على أنه لا ينكح العبد أكثر من اثنتين وكذلك حكى إجماع الصحابة الشافعي وروى الدارقطني عن عمر أنه قال: ينكح العبد امرأتين ويطلق يطليقتين وسيأتي ما ورد في طلاق الأمة والعدة في باب العدة فمن قال بأن إجماع الصحابة حجة كفاه إجماعهم ومن لم يقل بحجية إجماعهم أجاز للعبد ما يجوز للحر من العدد وقد أوضح الماتن حكم الإجماع في أول حاشية الشفاء. وإذا تزوج العبد بغير إذن سيده فنكاحه باطل لحديث جابر عند أحمد وأبي داود والترمذي وحسنه وابن حبان والحاكم وصححاه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر" "وأخرجه أيضا ابن ماجه من حديث ابن عمر قال الترمذي لا يصح إنما هو عن جابر وأخرجه أبو داود من حديث ابن عمر أيضا وفي إسناده مندل بن علي وهو ضعيف وقد ذهب إلى عدم صحة عقد العبد بغير إذن مولاه الجمهور وقال مالك إن العقد نافذ ولسيده فسخه ورد بأن العاهر الزاني والزنا باطل وفي رواية من حديث جابر بلفظ "باطل".
وإذا عتقت الأمة ملكت أمر نفسها وخيرت في زوجها لحديث عائشة في صحيح مسلم وغيره "أن بريرة خيرها النبي صلى الله عليه وسلم وكان زوجها عبدا "وكذا في صحيح البخاري من حديث ابن عباس وفي حديث آخر لعائشة عند أحمد وأهل السنن "أن زوج بريرة كان حرا "وقد اختلفت الروايات في ذلك وقد اختلف أهل العلم في ثبوت الخيار إذا كان الزوج حرا فذهب الجمهور إلى أنه يثبت وجعلوا العلة في الفسخ عدم الكفاءة وقد وقع في بعض الروايات "أن النبي صلى الله عليه وسلم لبريرة ملكت نفسك فاختاري "فإن هذا يفيد أنه لا فرق بين الحر والعبد والحاصل أن الاختلاف في كون زوجها حرا أو عبدا لا يقدح في ذلك لأن ملكها لأمر نفسها يقتضي عدم الفرق ولكن دعوى أن تمكينها لزوجها بعد علمها بالعتق وثبوت الخيار مبطل لخيارها لا دليل عليها وتركه صلى الله عليه وسلم لاستفصال بريرة أو زوجها عن ذلك يفيد أنه غير مبطل ولو كان مبطلا لم يتركه ويجوز فسخ النكاح

الصفحة 31