كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

بالعيب لحديث كعب بن زيد أو زيد بن كعب "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من بني غفار فلما دخل عليها ووضع ثوبه وقعد على الفراش أبصر بكشحها بياضا فانحاز عن الفراش ثم قال خذي عليك ثيابك ولم يأخذ مما آتاها شيئا" أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وابن عدي والبيهقي وأخرجه من حديث كعب بن عجرة الحاكم في المستدرك وأخرجه أبو نعيم في الطب والبيهقي من حديث ابن عمر وفي الحديث اضطراب1 وروى مالك في الموطإ والدارقطني وسعيد بن منصور والشافعي وابن أبي شيبة عن عمر أنه قال "أيما امرأة غُر بها رجل بها جنون أو جذام أو برص فلما مهرها بما أصاب منها وصداق الرجل على من غره" ورجال إسناده ثقات وفي الباب عن علي عند سعيد بن منصور وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن النكاح يفسخ بالعيوب وإن اختلفوا في تفاصيل ذلك وروي عن علي وعمر وابن عباس أنها لا ترد النساء إلا بالعيوب الثلاثة المذكورة والرابع الداء في الفرج وذهب بعض أهل العلم إلى أن المرأة ترد بكل عيب ترد به الجارية في البيع ورجحه ابن القيم واحتج له في الهدي بالقياس على البيع وذهب البعض إلى أن المرأة ترد الزوج بتلك الثلاثة وبالجب والعنة2 والخلاف في هذا البحث طويل.
أقول اعلم أن الذي ثبت بالضرورة الدينية أن عقد النكاح لازم تثبت به أحكام الزوجية من جواز الوطء ووجوب النفقة ونحوها وثبوت الميراث وسائر الأحكام وثبت بالضرورة الدينية أن يكون الخروج منه بالطلاق والموت فمن زعم أنه يجوز الخروج من النكاح بسبب من الأسباب فعليه الدليل الصحيح المقتضي للانتقال عن ثبوته بالضرورة الدينية وما ذكروه من العيوب لم يأت في الفسخ بها حجة نيرة ولم يثبت شئ منها وأما قوله صلى الله عليه وسلم "الحقي بأهلك3 " فالصيغة صيغة طلاق وعلى فرض الاحتمال فالواجب الحمل على المتيقن دون ما سواه وكذلك الفسخ بالعنة لم يرد به دليل صحيح والأصل البقاء على النكاح حتى يأتي ما يوجب الانتقال عنه ومن أعجب
__________
1 وفي اسنناده جميل بن زيد وهو ضعيف ولا دلالة فيه على الفسخ لاحتمال أن يكون طلقها وكنى عن الطلاق بقوله "خذي عليك ثيابك".
2 الجب قطع الذكر. والعنة ارتخاءه دائما فلا يصل إلى النساء.
3 هههذا اللفظ رواية في حديث كعب بن زيد في قصة الغفارية.

الصفحة 32