كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

صلى الله عليه وسلم قال "لو أن رجلا أعطى امرأة صداقا ملء يديه طعاما كانت حلالا " وكذلك حديث عبد الرحمن بن عوف تزوج امرأة على وزن نواة من ذهب يدل على عدم التقييد بحد في جانب القلة والأحاديث المذكورة هي في الأمهات فالأول متفق عليه والثاني أخرجه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه والثالث أخرجه أحمد وأبو داود والرابع أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه فهذه الأحاديث تدل على أنه لا حد للمهر في جانب القلة بل إذا كان له قيمة صح أن يكون مهرا وأما في جانب الكثرة فكذلك أيضا لا حد له ولذلك ذكر الله القنطار وكانت مهور زوجاته صلى الله عليه وآله وسلم لكل واحدة اثنتا عشرة أوقية ونصف عن خمسمائة درهم1 فمن زعم أن المهر لا يكون إلا كذا فعليه الدليل الصحيح ولا ريب أن المغالاة في المهور مكروهة كما تقدم.
ومن تزوج امرأة ولم يسم لها صداقا فلها مهر نسائها إذا دخل بها لحديث علقمة عند أحمد وأهل السنن والحاكم والبيهقي وصححه الترمذي وابن حبان قال "أتي عبد الله يعني ابن مسعود في امرأة تزوجها رجل ثم مات عنها ولم يفرض لها صداقا ولم يكن دخل بها قال فاختلفوا إليه فقال أرى لها مثل مهر نسائها ولها الميراث وعليها العدة فشهد معقل بن سنان الأشجعي أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قضى في بَرْوع ابنة واشق بمثل ما قضى "وفي إعلام الموقعين "سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا حتى مات فقضى لها على صداق نسائها وعليها العدة ولها الميراث "ذكره أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي وغيره قال ابن القيم وهذه فتوى لا معارض لها فلا سبيل إلى العدول عنها انتهى.
ويستحب تقديم شئ من المهر قبل الدخول لحديث ابن عباس المتقدم قريبا وأخرج أبو داود وابن ماجه من حديث عائشة قالت "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئا "ولا يعارض هذا حديث ابن عباس فإن غاية ما فيه أنه يدل على أن تقدمه شيء من المهر قبل الدخول غير واجبة ولا ينفي كونها مستحبة وعليه إحسان العشرة لقوله تعالى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وفي الصحيحين
__________
1 هكذا الأصل ولعله وهي عبارة خمسمائة درهم

الصفحة 38