كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

يعملن الأعمال التي تصلح المعيشة بل ويعملن من الأعمال الخارجة عن ذلك ما هو متبالغ في المشقة ولم يسمع أن امرأة امتنعت من ذلك وقالت هذا ليس علي أو لست ممن يعمل هذه الأعمال لكوني بمكان من الشرف أو بمحل من الجمال فقد صح في الصحيحين وغيرهما "أن الرحى أثرت في يد البتول والقربة أثرت في نحرها "ولا شرف كشرفها رضي الله عنها وأرضاها فمن زعمت أنه لا يجب عليها إلا تمكين زوجها من الوطء وأرادت الرجوع بأجرة عملها لم تحل إجابتها إلى ذلك إنما الإشكال إذا امتنعت من المباشرة للأعمال ابتداء قائلة هذا لا يجب علي فإجبارها على ذلك يحتاج إلى دليل فإن صح الأمر منه صلى الله عليه وسلم للبتول بخدمة زوجها كان ذلك صالحا للتمسك به على إجبار الممتنعة وأما استدلال القائلين بعدم الوجوب بقوله تعالى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} ونحو ذلك فليس مما يفيد المطلوب وكان يكفيهم أن يقولوا لم نقف على دليل يدل على الوجوب ولا يثبت مثل هذا الحكم الشاق بدون ذلك ومجرد تقريره صلى الله عليه وسلم لنسائه ونساء المسلمين على العمل في بيوت الأزواج غايته الجواز لا الوجوب.
ومن كان له زوجان فصاعدا عدل بينهن في القسمة وما تدعو الحاجة إليه لحديث أبي هريرة عند أحمد وأهل السنن والدارمي وابن حبان والحاكم وقال: إسناده على شرط الشيخين وصححه الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطا أو مائلا" وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها كما في الصحيح وأخرج أهل السنن وابن حبان والحاكم وصححاه من حديث عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" قال في الحجة البالغة: والظاهر أن ذلك منه صلى الله عليه وسلم كان تبرعا وإحسانا من غير وجوب عليه لقوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} وأما في غيره فموضع تأمل واجتهاد ولكن جمهور الفقهاء أوجبوا القسم واختلفوا في القرعة أقول: وفيه أن قوله فلم يعدل مجمل لا يدرى أي عدل أريد به انتهى.
أقول وأما الأمة المعقود عليها عقد نكاح فيصدق عليها أنها زوجة ويصدق عليها أنها

الصفحة 40