كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

ذلك بشئ" وقد روى ابن حزم في المحلى بسنده المتصل إلى ابن عمر"أنه قال في الرجل يطلق امرأته وهي حائض لا يعتد بذلك"وإسناده صحيح وقد تابع أبا الزبير الراوي لعدم الحسبان لتطليقة ابن عمر المذكورة في الحديث أربعة عبد الله بن عمر العمري ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رواد ويحيى بن سليم وإبراهيم بن أبي حسنة ولو لم يكن في المقام إلا قول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} وقد تقرر أن الأمر بالشئ نهي عن ضده والنهي يقتضي الفساد وقول الله تعالى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} والمطلق على غير ما أمر الله تعالى به لم بسرح بإحسان وقد ذهب إلى عدم الوقوع جماعة من السلف كابن علية وإليه ذهب ابن حزم وابن تيمية وذهب الجمهور إلى الوقوع.
وفي وقوعه أقول: هذه المسألة من المعارك التي لا يجول في حافاتها إلا الأبطال ولا يقف على تحقيق الحق في أبوابها إلا أفراد الرجال والمقام يضيق عن تحريرها على وجه ينتج المطلوب فمن رام الوقوف على سرها فعليه بمؤلفات ابن حزم كالمحلي ومؤلفات ابن القيم كالهدي وقد جمع السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في ذلك مصنفا حافلا وجمع الإمام الشوكاني رسالة ذكر فيها حاصل ما يحتاج إليه من ذيول المسألة وقرر ما ألهم الله إليه وذكر في شرح المنتقى أطرافا من ذلك.
وخلاصة ماعول عليه القائلون بوقوع الطلاق البدعي هو اندراجه تحت الآيات العامة وتصريح ابن عمر بأنها حسبت تلك طلقة وأجاب القائلون بعدم الوقوع عنهم بمنع اندراجه تحت العمومات لأنه ليس من الطلاق الذي أذن الله به بل هو من الطلاق الذي أمر الله بخلافه قال {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} وقال صلى الله عليه وسلم: "مره فليراجعها" وصح أنه غضب عند أن بلغه ذلك وهو لايغضب مما أحله الله وأما قول ابن عمر: "إنها حسبت"فلم يبين من الحاسب لها بل أخرج عنه أحمد وأبو داود والنسائي "أنه طلق امرأته وهي حائض فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرها شيئا"وإسناد هذه الرواية صحيح ولم يأت من تكلم عليها بطائل وهي مصرحة بأن الذي لم يرها شيئا هو رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فلا يعارضها قول ابن عمر لأن الحجة في

الصفحة 49