كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

روايته لا في رأيه وأما الرواية بلفظ "مره فليراجعها ويعتد بتطليقة" فهذه لو صحت لكانت حجة ظاهرة ولكنها لم تصح كما جزم به ابن القيم في الهدي وقد روي في ذلك روايات في أسانيدها مجاهيل وكذابون لا تثبت الحجة بشئ منها.
والحاصل أن الاتفاق كائن على أن الطلاق المخالف لطلاق السنة يقال له طلاق بدعة وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن كل بدعة ضلالة ولا خلاف أيضا أن هذا الطلاق مخالف لما شرعه الله في كتابه وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر وما خالف ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو رد لحديث عائشة عنه صلى الله عليه وسلم "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد" وهو حديث متفق عليه فمن زعم أن هذه البدعة يلزم حكمها وأن هذا الأمر الذي ليس من أمره صلى الله عليه وسلم يقع من فاعله ويعتد به لم يقبل منه ذلك إلا بدليل وإذا كان من جلمة طلاق البدعة إيقاع الثلاث دفعة كما سيأتي فهذه الصورة من طلاق البدعة بخصوصها.
ووقوع ما فوق الواحدة من دون تخلل رجعة خلاف قال الماتن في رسالته في هذا الباب: اختلف أهل العلم فيها على أربعة أقوال: الأول وقوع جميعها وهو مذهب الأئمة وجمهور العلماء وكثير من الصحابة وفريق من أهل البيت الثاني عدم الوقوع مطلقا لا واحدة ولا ما فوقها لأنه بدعة محرمة وهذا المذهب حكاه ابن حزم وحكى للإمام أحد ما يكفي وقال: هو مذهب الرافضة
قلت: بل هو مذهب جماعة من التابعين كما حكاه الليث ومذهب ابن علية وهشام بن الحكم وجميع الإمامية ومن أهل البيت عليهم السلام الباقر والصادق والناصر وبه قال أبو عبيدة وبعض الظاهرية لأن هؤلاء قالوا: إن الطلاق البدعي لا يقع والثلاث بلفظ واحد أو ألفاظ متتابعة لا يقع الثالث وقع الثلاث أن كانت المطلقة مدخولة وواحدة إن لم تكن كذلك وهذا هو مذهب جماعة من أصحاب ابن عباس واسحق بن راهويه الرابع أنه يقع واحدة رجعية من غير فرق بين المدخول بها وغيرها وهذا مذهب ابن عباس على الأصح وابن اسحق وعطاء وعكرمة وأكثر أهل البيت وهذا أصح الأقوال انتهى ثم سرد أدلة هؤلاء ورجح القول الرابع فليرجع إليه.
قال ابن القيم: قد صح عنه صلى الله عليه تعالى وآله وسلم أن الثلاث كانت واحدة في عهده وعهد أبي بكر وصدرا من خلافة عمر وغاية ما يقدر مع بعده

الصفحة 50