كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

أن الصحابة كانوا على ذلك ولم يبلغه وهذا وإن كان كالمستحيل فإنه يدل على أنهم كانوا يفتون في حياته وحياة الصديق بذلك وقد أفتى هو صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فهذه فتواه وعمل أصحابه كأنه أخذ باليد ولا معارض لذلك ورأى عمر رضي الله تعالى عنه أن يحمل الناس على إنفاذ الثلاث عقوبة وزجرا لهم لئلا يرسلوها جملة وهذا اجتهاد منه رضي الله تعالى عنه غايته أن يكون سائغا لمصلحة رآها ولا يجوز ترك ما أفتى به رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وكان عليه أصحابه في عهده وعهد خليفته فإذا ظهرت الحقائق فليقل امرؤ ما شاء وبالله التوفيق انتهى.
"الراجح عدم الوقوع"قال الماتن ذهب الجمهور إلى أنه يقع وأن الطلاق يتبع الطلاق وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الطلاق لا يتبع الطالق بل يقع واحدة وقد حكي ذلك عن أبي موسى وابن عباس وطاوس وعطاء وجابر بن زيد وأحمد بن عيسى وعبد الله بن موسى ورواية عن علي ورواية عن زيد بن علي وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تميمة والحافظ ابن القيم وقد حكاه ابن مغيث في كتاب الوثائق عن علي وابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف والزبير وحكاه أيضا عن جماعة من مشايخ قرطبة ونقله ابن المنذر عن أصحاب ابن عباس واستدل الجمهور بحديث ركانة بن عبد الله "أنه طلق امرأته سهيمة البتة فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: والله ما أردت إلا واحدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما أردت إلا واحد قال ركانة: والله ما أردت إلى واحدة فردها إليه"أخرجه الشافعي وأبو داود والترمذي وصححه أبو داود وابن حبان والحاكم وفي إسناده أيضا الزبير بن سعيد الهاشمي وقد ضعفه غير واحد وقيل إنه متروك وفي إسناده أيضا نافع بن عجير وهو مجهول ومتنه أيضا مضطرب كما قال البخاري ففي لفظ منه "أنه طلقها ثلاثا"وفي لفظ "واحدة"وفي لفظ "البتة"وقال أحمد: طرقه كلها ضعيفة وأما استدلالهم بقوله تعالى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} وبقوله {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ} فليس في ذلك من الحجة شئ بل هو عليهم لا لهم وقد حقق هذا صاحب الهدي بما يشفي وقد ورد ما يدل على أن الطلاق يتبع الطلاق وليس في الصحيح شئ من ذلك وأرجح من الجميع والحجة في هذا المقام حديث ابن عباس الثابت في صحيح مسلم وغيره "أن الطلاق كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرا

الصفحة 51