كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث لا يؤخرن الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيم1 إذا وجدت لها كفؤا" ولكن ليس في هذا الحديث ما يدل على اعتبار الكفاءة في النسب بل يحمل على أن المرأة إذا وجدت لها كفؤا ترضى خلقه ودينه كما سيأتي وأخرج الحاكم من حديث ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " العرب أكفاء بعضهم لبعض قبيلة لقبيلة وحي لحي ورجل لرجل إلا حائك أو حجام " وفي إسناده رجل مجهول وقال أبو حاتم إنه كذب لا أصل له وذكر الحفاظ أنه موضوع وقد أوضح الكلام عليه الماتن في كتابه في الموضوعات الذي سماه الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ولكن رواه البزار في مسنده من طريق أخرى عن معاذ بن جبل رفعه "العرب بعضها أكفاء لبعض" وفيه سليمان بن أبي الجون ويغني عن ذلك مافي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا" ولكن ليس فيه دلالة على المطلوب لأن إثبات كون البعض خيرا من بعض لايستلزم أن الأدنى غير كفؤ للأعلى وهكذا حديث "إن الله تعالى اصطفى كنانة من ولد اسمعيل واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم" فإن هذا الاصطفاء لا يدل على أن الأدنى غير كفوء للأعلى وأخرج الترمذي من حديث أبي حاتم المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات " وقد حسنه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب* ونقل المناوي عن البخاري أنه لم يعده محفوظا وعده أبو داود في المراسيل وأعله ابن القطان بالإرسال وضعف راويه وأبو حاتم المزني له صحبة ولا يعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث وأخرج الدارقطني عن عمر أنه قال: "لأمنعن تزوج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء" أقول: استدل على اعتبار الكفاءة في النسب بما أخرجه ابن ماجه بإسناد رجاله رجال الصحيح من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه "أن فتاة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته قال فجعل الأمر إليها فقالت قد أجزت
__________
1 هب التي لا زوج لها.

الصفحة 6