كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كست أظفار"وفي الباب أحاديث وقد روي ما يعارض هذه الأحاديث فأخرج أحمد وابن حبان وصححه من حديث أسماء بنت عميس قالت: "دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم لليوم الثالث من قتل جعفر بن أبي طالب قال: لا تحدي بعد يومك هذا" وهي كانت امرأته بالاتفاق وقد أجيب بأنه حديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة وقد وقع الإجماع على خلافه وقيل إنه منسوخ وقد أعله البيهقي بالانقطاع وهذه الأحاديث المؤقتة في الإحداد بأربعة أشهر وعشر هي في غير الحامل وأما هي فعليها ذلك حتى تنقضي عدتها بالوضع ثم الإحداد إنما يكون للموت لا لغيره لأنه التظهر بما يدل على الحزن والكآبة لمفارقة الزوج بالموت لا لمطلق المفارقة بالطلاق وغيره لأنه لم يرد فيه شئ ولا فعلته النساء في أيام النبوة والخلفاء الراشدين فمن ادعى وجوبه على غير المميتة فنحن نطالبه بالدليل "والمكث في البيت الذي كانت فيه عند موت زوجها أبو بلوغ خبره"لحديث فريعة بنت مالك عند أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم قالت: "خرج زوجي في طلب أعلاج1 له فأدركهم في طريق القدوم2 فقتلوه فأتى نعيه وأنا في دار شاسعة من دور أهلي فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقلت: إن نعي زوجي أتاني في دار شاسعة عن أهلي من دور أهلي ولم يدع نفقة ولا مالا ورثته وليس المسكن له فلو تحولت إلى أهلي وإخوتي لكان أرفق بي في بعض شأني قال: تحولي فلما خرجت إلى المسجد أو إلى الحجرة دعاني أو أمر بي فدعيت فقال امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا"وفي بعض ألفاظه أنه أرسل إليها عثمان بعد ذلك فأخبرته فأخذ به وقد أعل هذا الحديث بما لا يقدح في الاحتجاج به وأخرج النسائي وأبو داود وعزاه المنذري إلى البخاري عن ابن عباس "في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} نسخ ذلك بآية الميراث بما فرض الله تعالى لها من الربع والثمن ونسخ أجل الحول أن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرا"
__________
1 الأعلاج العبيد
2 بفتح القاف وتخفيف الدال جبل بالحجاز قرب المدينة

الصفحة 72