كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

الموزعي في تفسيره والحديث إذنه صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة أن تأخذ من مال زوجها أبي سفيان ما يكفيها وولدها بالمعروف وهو في الصحيحين وغيرهما ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن حق الزوجة على الزوج "أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت" وهو عند أهل السنن وغيرهم قال في المسوى: تجب نفقة الزوجة على الزوج موسرا كان أو معسرا قال تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} وقال تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} قلت: قال الشافعي: أي لا يكثر من تعولون وفيه دليل على أن على الرجل نفقة امرأته وقد أنكر على الشافعي بعض أهل العربية هذا التفسير فأجاب البغوي بأن الكسائي قال: يقال عال الرجل يعول إذا كثر عياله واللغة الجيدة أعال وأجاب الزمخشري بأنه بيان حاصل المعنى وجهه أن يجعل من قولك عال الرجل عياله يعولهم كقولهم مانهم يمونهم إذا أنفق عليهم ومن كثر عياله لزمه أن يعولهم وهذا مما اتفق عليه أهل العلم وقال ابن القيم: في حديث هند المتقدم تضمنت هذه الفتوى أمورا أحدها أن نفقة الزوجة غير مقدرة بل المعروف لنفي تقديرها وإن لم يكن تقديرها معروفا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم الثاني أن نفقة الزوجة من جنس نفقة الوالد كلاهما بالمعروف الثالث انفراد الأب بنفقة أولاده الرابع أن الزوج والأب إذا لم يبذل النفقة الواجبة عليه فللزوجة والأولاد أن يأخذوا قدر كفايتهم بالمعروف الخامس أن المرأة إذا قدرت على أخذ كفايتها من مال زوجها لم يكن لها إلى الفسخ سبيل السادس أن ما لم يقدره الله تعالى ورسوله من الحقوق الواجبة فالمرجع فيه إلى العرف السابع أن من منع الواجب عليه وكان سبب ثبوته ظاهرا فلمستحقه أن يأخذ بيده إذا قدر عليه كما أفتى به النبي صلى الله عليه وسلم هذا انتهى حاصله. أقول: هذا يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال والأشخاص فنفقة زمن الخصب المعروف فيها غير المعروف في زمن الجدب ونفقة أهل البوادي المعروف فيها ما هو الغالب عندهم وهو غير المعروف من نفقة أهل المدن وكذلك المعروف من نفقة الأغنياء على اختلاف طبقاتهم غير المعروف من نفقة الفقراء والمعروف من نفقة أهل الرياسات والشرف غير المعروف من نفقة أهل الوضاعات فليس المعروف

الصفحة 75