كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

المشهورات بحسن العقل وكمال الفطنة كما يعرف ذلك من عرف أخبارها ومحاورتها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عند مبايعته لها فالحاصل أنه لا ملازمة بين القول بوجوب الكفاية في النفقة وبين حضور السرف بل الأمر كما قدمنا والله أعلم "والمطلقة رجعيا"لحديث فاطمة بنت قيس أنه قال لها صلى الله عليه وسلم "إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة" أخرجه أحمد والنسائي وفي لفظ لأحمد "فإذا لم يكن عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى" وفي إسناده مجالد بن سعيد وقد توبع وأعل بالوقف ولكن الرفع زيادة مقبولة إذا صح مخرجها أو حسن وقد أثبت لها القرآن الكريم السكنى قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} ويستفاد من النهي عن الإخراج وجوب النفقة مع السكنى ويؤيده قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} ويدل على وجوب النفقة قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} وقوله تعالى في آخر الآية الأولى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} وهو الرجعة فكان ذلك في الرجعية لابائنا فالبائنة لا نفقة لها ولا سكنى لحديث فاطمة بنت قيس عند مسلم وغيره عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في المطلقة ثلاثا "لا نفقة ولا سكنى"وفي الصحيحين وغيرهما عنها "أنها قالت طلقني زوجي ثلاثا فلم يجعل لي رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لا نفقة ولا سكنى"وقد صح حديثها فلا نزاع وقد أخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي أنه قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملا" وقد أنكر عليها عمر وعائشة هذا الحديث وقال عمر: لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت وقد قالت فاطمة: حين بلغها ذلك بيني وبينكم كتاب الله قال الله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} حتى قال: {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} فأي أمر يحدث بعد الثلاث وقد ذهب إلى عدم وجوب النفقة والسكنى للبائنة أحمد واسحق وأبو ثور وداود وأتباعهم وحكاه في البحر عن ابن عباس والحسن البصري وعطاء والشعبي وابن أبي ليلى والأوزاعي والإمامية وذهب الجمهور إلى أنه لا نفقة لها ولها السكنى لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} وقد تقدم ما يدل

الصفحة 80