كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

من أن المراد بمثل هذه الأدلة صلة الرحم فقد أجيب عن ذلك بأن الله سبحانه سماه حقا على أنه لو سُلم لم يكن قادحا في الاستدلال فإن من ترك قريبه بغير نفقة ولا كسوة مع حاجته إليهما لم يكن واصلا لرحمه لا لغة ولا عرفا ولا شرعا ومن أنكر هذا فليخبرنا ما هي الصلة التي تختص بها الرحم لأجل كونه رحما ويمتاز بها عن الأجنبي فإنه لا يمكنه أن يعين مسقطا للنفقة إلا وكان أولى بإسقاط ما عداها فالحاصل أن من وجب ما يكفيه وكان له زيادة يستغني عنها وجب عليه أن ينفقها على المحاويج من قرابته ويقدم الأقرب فالأقرب كما دلت عليه الأدلة السالفة وهذا هو معنى الغنى أي الاستغناء عن فضلة تفضل على الكفاية لا ما ذكره الفقهاء من تلك التقديرات التي لا ترجع إلى دليل عقل ولا نقل "ومن وجبت نفقته وجبت كسوته وسكناه"لما يستفاد من الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها
"باب الرّضاع"
"إنما يثبت حُكمه بخمس رضعات"لحديث عائشة عند مسلم وغيره "أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نُسخ بخمس رضعات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يُقرأ من القرآن"وللحديث طرق ثابتة في الصحيح ولا يخالفه حديث عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تحرم المصة ولا المصتان"أخرجه أحمد ومسلم وأهل السنن وكذلك حديث أم الفضل عند مسلم وغيره "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان والمصة والمصتان "وفي لفظ "لا تحرم الإ ملاجة1 ولا الإملاجتان" وأخرج نحوه أحمد والنسائي والترمذي من حديث عبد الله بن الزبير لأن غاية ما في هذه الأحاديث أن المصة والمصتين والرضعة والرضعتين والإملاجة والإملاجتين لا يحرمن وهذا هو معنى الأحاديث منطوقا وهو لا يخالف حديث الخمس الرضعات لأنها تدل على أن ما دون
__________
1هي الرضاعة الواحدة مثل المصة. وفي القاموس "ملج الصبي أمه كنصر وسمع تناول ثيدها بأدني فمه.

الصفحة 84