كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

رب السلعة مالا بغير ثمن ولا هبة طيبة بها نفسه فهذا يشبه القمار وما كان مثل هذا من الأشياء فذلك يدخله قلت: في شرح السنة والعمل على هذا عند عامة أهل العلم والعلة في النهي أن المساواة بينهما شرط وما على الشجر لا يحرز بكيل ولا وزن وإنما يكون تقديره بالخرص وهو حدس وظن لا يؤمن فيه من التفاوت فأما إذا باع بجنس آخر من الثمار على الأرض أو على الشجر يجوز لأن المماثلة بينهما غير شرط والتقابض شرط في المجلس وقبض ما على الأرض بالنقل وقبض ما على الشجر بالتخلية أقول: ومعنى هذا الكلام أن سبب التحريم هو شبه الربا ومعنى قول مالك أن سبب التحريم معنى القمار وكلا الأمرين صحيح انتهى "والمعاومة"بيع ثمر النخلة لأكثر من سنة في عقد واحد والجميع بيع غرر وجهالة والمخاضرة بيع الثمرة خضراء قبل بدو صلاحها دليل ذلك حديث أنس عند البخاري قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمخاضرة والمنابذة والملامسة والمزابنة"وفي الصحيحين من حديث جابر قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة"وفي الباب أحاديث "والعربون"هو أن يعطي المشتري البائع درهما أو نحوه قبل البيع على أنه إذا ترك الشراء كان الدرهم للبائع بغير شئ لما أخرجه أحمد والنسائي وأبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العربون "ولا يعارض هذا ما أخرجه عبد الرزاق في مسنده عن زيد بن أسلم "أنه سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العربان1 في البيع"فأحله لأن في إسناده إبراهيم بن أبي يحيى وهو ضعيف وأيضا الحديث مرسل قال في المسوى: قال مالك: وذلك فيما نرى والله تعالى أعلم أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة أو يتكارى الدابة ثم يقول للذي اشتراه منه أو تكارى منه أعطيتك دينارا أو درهما أو أقل أو أكثر من ذلك على أني إن أخذت السلعة أو ركبت ما تكاريت منك فالذي أعطيتك من ثمن السلعة أو من كراء الدابة وإن تركت ابتياع السلعة أو كراء الدابة فما أعطيتك فهو لك بغير شئ قلت: وعليه أهل العلم في المنهاج ولا يصح بيع العربون بأن يشتري ويعطيه دراهم لتكون من الثمن إن رضي السلعة وإلا فهي هبة قال المحلى2 وعدم صحته لاشتماله على شرط الرد
__________
1 العربون والعربان بضم العين فيهما.
2 أي قال ابن حزم في المحلي.

الصفحة 98