وقد يقال: إن قوله: "في القصد" إشارة إلى ذلك: أي أنها مثلها في القصد: أي: المعنى، لا مطلقًا، سيما أنه لم يعدها في الحروف أول الباب.
وقد نقل ابن عصفور اتفاق النحويين على أنها ليست عاطفة، وإنما أوردها في حروف العطف لمصاحبتها لها.
الثالث: مقتضى كلامه أنه لا بد من تكرارها، وذلك غالب، لا لازم، فقد يستغنى عن الثانية بذكر ما يغني عنها، نحو: "إما أن تتكلم بخير وإلا فاسكت"، وقراءة أبي {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} 1، وقوله "من الوافر":
841-
فإما أن تكون أخي بصدق ... فأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطر حني واتخذني ... عدوا أتقيك وتتقيني
__________
1 سبأ: 24.
841- التخريج: البيتان للمثقب العبدي في ديوانه ص211، 212؛ والأزهية ص140، 141؛ وخزانة الأدب 7/ 489، 11/ 80؛ والدرر 6/ 129؛ وشرح اختيارات المفصل ص1266، 1267؛ وشرح شواهد المغني 1/ 190، 191؛ وله أو لسحيم بن وثيل في المقاصد النحوية 1/ 192، 4/ 149؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص532؛ وجواهر الأدب ص415؛ والمقرب 1/ 232؛ وهمع الهوامع 2/ 135.
اللغة: الغث: الرديء من كل شيء؛ والسمين ضده. اطرحني: أبعدني وأتركني. أتقيك: أتجنبك وأحذرك.
المعنى: يبين المثقب لنا معنى الأصدقاء الحقيقيين، فإما أن تكون صديقي الحقيقي الذي يعرفني مساوئي وعيوبي فأتركها، ومحاسني ومكارمي فأزيد منها، وإما دعني وشأني، بل كن عدوي الذي أحذره ويحذرني.
الإعراب: فإما: "الفاء": استئنافية، "إما": حرف تفصيل. أن: حرف مصدرية ونصب. تكون: فعل مضارع ناقص منصوب بالفتحة. و"اسمها": ضمير مستتر تقديره "أنت". والمصدر المؤول من "أن" والفعل "تكون" خبر لمبتدأ محذوف تقديره إما شأنك كونك أخًا بحق، وإما كونك عدوًّا، ويجوز أن يكون المصدر مفعولًا به لفعل محذوف والتقدير: اختر إما كونك أخًا، وإما كونك عدوًّا. أخي: خبر "تكون" منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل الياء، و"الياء": ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. بصدق: جار ومجرور متعلقان بـ"تكون". فأعرف: "الفاء": للعطف، "أعرف": فعل مضارع منصوب بالفتحة. و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "أنا" منك: جار ومجرور متعلقان بالفعل "أعرف". غثي: مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل الياء، و"الياء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. من سميني: جار ومجرور بكسرة مقدرة على ما قبل "الياء، متعلقان بمحذوف حال، بتقدير "غثي واضحًا من سميني". وإلا: "الواو": عاطفة، "إلا": "إن" حرف شرط، و"لا": نافية لا عمل لها، وفعل الشرط محذوف بتقدير "وإن لا تفعل =