كتاب التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية (اسم الجزء: 2)
ويعلم ما كان كآدم والأنبياء ويعلم ما يكون كالقيامة والحساب، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون كما يعلم ما أخبر الله به عن أهل النار في قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْه} وأنهم {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ} وأنه {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} ونحو ذلك. فثبوت هذه الأمور في العلم والكتاب والكلام ليس هو ثبوتها في الخارج عن ذلك وهو ثبوت حقيقتها التي هي هي، فينبغي للعاقل أن يفرق بين ثبوت الشيء ووجوده نفسه وبين ثبوته ووجوده في العلم فإن ذاك هو الوجود الذهني والعلمي وما من شيء إلا له هذان الثبوتان.
بيان فساد مسلك المعطلة في ردهم
...
قوله:
والمقصود هنا أن الاعتماد على مثل هذه الحجة فيما ينفى عن الرب وينزه عنه، كما يفعله كثير من المصنفين خطأ لمن تدبر ذلك، وهذا من طرق النفي الباطلة.
ش: يعنى والمهم أن الاعتماد في تنزيه الله عن النقائص على نفي صفات الكمال عنه طريق باطل ومسلك غير صحيح كما أن الاعتماد في إثبات الصفات على نفي التشبيه لا يكفي ما لم تكن الصفة واردة في كتاب لله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي قريبا إن شاء تعالى.
قوله:
فصل وأفسد من ذلك ما يسلكه نفاة الصفات أو بعضها إذا أرادوا أن ينزهوه عما يجب تنزيهه عنه، مما هو من أعظم الكفر، مثل أن يريدوا تنزيهه عن الحزن والبكاء ونحو ذلك، ويريدون الرد على اليهود الذين يقولون. انه بكى على الطوفان حتى رمد. وعادته الملائكة والذين يقولون بالإلهية بعض البشر وأنه الله فإن كثيرا من الناس يحتج على هؤلاء بنفي التجسيم والتحيز ونحو ذلك، ويقولون لو اتصف بهذه النقائص والآفات لكان جسما أو متحيزا وذلك ممتنع، وبسلوكهم مثل هذه الطريق استظهر عليهم الملاحدة نفاة الأسماء والصفات.