كتاب التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية (اسم الجزء: 2)
المحفوظ كما قال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} أي من بعد اللوح المحفوظ، ومعنى الحديث إخباره صلى الله عليه وسلم عن خلق هذا العالم المشهود، الذي خلقه الله في ستة أيام ثم استوى على العرش كما أخبر القرآن العظيم بذلك في غير موضع ومثله أيضا الحديث الذي رواه أبوداود والترمذي وغيرهما عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أول ما خلق الله القلم فقال اكتب قال وما أكتب قال ما هو كائن إلى يوم القيامة". فهذا القلم خلقه الله لما أمره بالتقدير المكتوب قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان مخلوقا قبل السموات والأرض، وهو أول ما خلق من هذا العالم، وخلقه بعد العرش كما دلت عليه النصوص وهو قول جمهور السلف. والأمر يراد به المصدر ويراد به المفعول به وهو المأمور الذي كونه الله بأمره، والشرع هو ما سن الله من الدين وأمر به كالصوم والصلاة والحج والزكاة وسائر أعمال البر، و"القدر" مصدر قدر يقدر وقد تسكن داله، وهو ما قضاه الله تعالى وحكم به من الأمور، كما سيأتي.
معنى حديث الأنبياء اخوة لعلاة
...
قوله:
وعبادته تتضمن كمال الذل والحب له. وذلك يتضمن كمال طاعته {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} وقد قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} وقال تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إله إلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} وقال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ، وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} فأمر الرسل بإقامة الدين وأن لا يتفرقوا فيه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد، والأنبياء