كتاب التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية (اسم الجزء: 2)
الجميع ينفون شيئا ثابتا بينما يثبتون شيئا يلزمهم فيه نفس المحذور الذي فروا منه كما تقدم. وسبيل المؤمنين في الاعتقاد هو الإيمان بصفات الله تعالى وأسمائه التي وصف بها نفسه وسمى بها نفسه في كتابه أو على لسان رسوله من غير زيادة عليها أو نقص منها.
معنى التشبيه عند المعطلة
...
قوله:
وأنتم إنما أقمتم الدليل على إبطال التشبيه والتماثل الذي فسرتموه بأنه يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، ويجب له ما يجب له، ومعلوم أن إثبات التشبيه بهذا التفسير مما لا يقوله عاقل يتصور ما يقول، فإنه يعلم بضرورة العقل امتناعه، ولا يلزم من هذا نفي التشابه من بعض الوجوه كما في الأسماء والصفات المتواطئة ولكن من الناس من يجعل التشبيه مفسر بمعنى من المعاني. ثم إن كل من أثبت ذلك المعنى قالوا إنه مشبه ومنازعهم يقول ذلك المعنى ليس من التشبيه.
ش: يعني أنه يقال لمن نفى الصفات زاعما أن إثباتها يقتضي التشبيه يقال له بالإضافة إلى ما سبق أنكم معشر النفاة قد أقمتم البرهان على نفي التشبيه الذي مقتضاه أنه يجب لله ما يجب للمخلوق ويجوز عليه ما يجوز عليه ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، ولا شك أن التشبيه بهذا التفسير مما لا يقوله عاقل يتصور ما يقول. لفساده ووضوح بطلانه. ولكن إثبات الصفات مع نفي مماثلة الله للمخلوقات ليس من هذا القبيل، وحينئذ فاتفاق الخالق والمخلوق في الاسم وفي المعنى العام لا يقتضي تشبيها ولكن المعطلة اصطلحوا على تسمية تعطيلهم توحيدا، وتسمية توحيد المرسلين تشبيها، فيقال لهؤلاء المدلسين الملبسين على أمثالهم: المحذور الذي نفاه العقل والشرع والفطرة وأجمعت الأنبياء على بطلانه هو أن يكون مع الله آلهة أخرى أو أن يكون لله مثيل أو ند لا أن يكون إله العالمين الواحد القهار حيا قيوما سميعا بصيرا متكلما آمرا ناهيا فوق عرشه له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا.
الصفحة 6
166