كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

فَقَال: الَّذِي تَقْتَضِيهِ اللُّغَةُ هُوَ أنَّ ذَوْقَ العُسَيلَةِ: النِّكَاحُ الَّذِي مَعَهُ الإنْزَالُ، يُقَالُ: عَسَلَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ (¬1)، والفَحْلُ النَّاقَةَ.
-[وَقَوْلُهُ: "فَاعْتُرِضَ عَنْهَا"]. ويُقَالُ: اعْتُرِضَ الرَّجُلُ عَنْ أَهْلِهِ: إِذَا عَجَزَ عَنْ نِكَاحِهَا كَمَا يَعتَرِضُ لَهُ الشَّيءُ فَيَحُوْلَ بَينَهُ وبَينَ قَصْدِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ: عُنِنَ الرَّجُلُ عَنِ امْرَأَتِهِ. ورَجُل عِنِّينٌ بَيِّنُ العِنِّينَةِ والتَّعَنِينِ. أَكْسَلَ الرَّجُلُ يُكْسِلُ في الجِمَاعِ، فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ غَيرِ جِمَاع قِيلَ كَسَلَ يَكْسَلُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ.
- وَ [قَوْلُهُ: "مِثْلَ هُدْبة الثَّوْبِ"]. يُقَالُ: هُدْبَةٌ وهُدُبَةٌ وهُدَّابَةٌ: وَهُوَ الخَيطُ الَّذِي يُتْركُ في طَرَفِ الثَّوْبِ ثُمَّ يُفْتَلُ، فَيَقَعُ عَلَيهِ اسْمُ الهُدْبِ مَفْتُوْلًا وغَيرَ مَفْتُوْلٍ، يُقَالُ: هَدَّبْتُ الثَّوْبَ فَهُوَ مُهَدَّبٌ. شبَّهَتْ ذَكَرَهُ في لِينهِ بالهُدْبَةِ.
- وَوَقَعَ في بَعْضِ النُّسَح: "لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الأوَّلَ أنْ يُرَاجِعَهَا" [19].
وَهُوَ الوَجْهُ؛ لأنَّه فِعْلٌ لِلْمُرَاجَعَةِ، وَ"أَنْ يُرَاجِعَهَا" في موْضِعِ رَفْعٍ بِهِ، كَأَنَّهُ قَال: لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الأوَّلِ مُرَاجَعَتِهَا، وكَذلِكَ قَوْلُهُ: "هَلْ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الأوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا" وَقَدْ رُويَ: "تَحِلُّ" بالتَّاءِ في المَوْضِعَينِ، عَلَى أَنْ يَكُوْنَ في "تَحِلُّ" ضَمِيرٌ يَرْجِعُ عَلَى المَرْأَةِ، ويَجُوْزُ أَنْ تَجَعَلَ: "أَنْ يُرَاجِعَهَا" في مَوْضِعِ رَفْع عَلَى البَدَلِ مِنْهُ، ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ [تَعَالى] (¬2): {يُخَيَّلُ إِلَيهِ مِنْ سِحْرِهِمْ}
¬__________
(¬1) النِّهاية في غريب الحديث (3/ 237)، واللِّسان، والتَّاج: (عَسَلَ) وذكر ابنُ خَالوَيه في مَعْنَى النِّكَاح في آخرِ سُوْرَةِ الرَّحْمَن من إعراب القراءات (2/ 340)، قال: "والعَرَبُ تَقُوْلُ: مَسَّ زَيدٌ المَرْأةَ .. وعَسَلَهَا .. وَذَكَرَ أَلْفَاظًا كَثِيرَةً ثُمَّ قَال: "كُلُّ ذلِكَ إِذَا جَامَعَهَا".
(¬2) سورة طه، الآية: 66. قَال ابن خَالويه في "إِعْرَاب القِرَاءَات" (2/ 43): "قَرَأ ابنُ عَامر -بِرِوَايَة ابن ذَكْوَان وَحْدَهُ- بالتَّاءِ، رَدَّهُ على الحِبَالِ والعِصِيِّ بأنَّها جَمْعٌ، وجَمْعُ، مَا لَا =

الصفحة 10