كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ [- صلى الله عليه وسلم -] إِلَى المَدِينَةِ أَخْبَرَتْهُ الأنْصَارُ بِهَذَا الخبَرِ فَقَال [النَّبِيُّ]- صلى الله عليه وسلم -: "صَدَقَ، والثِّمَارُ لِمَنْ أَبر إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُهُ المُشْتَرِي" (¬1).
[النَّهْيُ عَنْ بيع الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا]
- وَ [قَوْلُهُ: "لَا يَبِيع ثِمَارَهُ حَتَّى تَطْلُعَ الثُريَّا"] [13]. مَعْنَى طُلُوع الثُّرَيَّا طُلُوْعُهَا بالغَدَاةِ في الحَرِّ، وَبالعِشَاءِ في البَرْدِ، وذلِكَ لِثَلاثَ عَشْرَةَ تَخْلَى مِنْ شَهْرَا مايه، ولِذلِكَ قَال سَاجِعُ العَرَبِ (¬2): "طَلَعَ النَّجْمُ غُدَيَّهْ، وابْتَغَى الرَّاعِي شُكَيَّهْ" [شُكَيَّةٌ]: تَصْغِيرُ شَكْوَةٍ، وَهِيَ القِرْبَةُ، يُرِيدُ: إِنَّ الرَّاعِي يَتَّخِذُ قُرْبَةً يَحْمِلُ فِيهَا المَاءَ؛ لأنَّ المِيَاهَ في ذلِكَ الوَقْتِ تَقِلُّ في بِلادِ العَرَبِ (¬3). وَقَال السَّاجِعُ -في طُلُوْعِهَا في فَصْلِ البَرْدِ عِنْدَ العِشَاءِ- (¬4): "طَلَعَ النَّجْمُ عِشَاءً وابْتَغَى الرَّاعِي كِسَاءً".
¬__________
(¬1) هَذَا الحَدِيث من أَحَاديث المُوطَّأ رقم (1298). وأخرجه البُخاري في صحيحه، كتاب البيوع رقم (2203، 2204)، وكتاب المساقاة (2395)، وكتاب الشُّرُوط، رقم (2716).
(¬2) كتاب الأنواء لابن قتيبة (29)، والمُخَصَّص لابن سِيْدَةَ (9/ 15)، والأزمنة للمَرْزُوقي (2/ 180)، والأمكنة والأنواء لابن الأجدابي (161)، واللِّسان، والتَّاج (نَجَمَ).
(¬3) قَوْلُهُ: "لأنَّ المِيَاهَ في ذلِكَ تَقِلُّ في بِلادِ العَرَب".
أقُوْلُ: المِيَاهُ قَلِيلَة في بِلادِ العَرَبِ في ذَلِكَ الوَقْتِ وَفِي غَيرِهِ، وإِنَّمَا قَال السَّاجِعُ ذلِكَ لِيُدَلِّل بِدُخُوْلهَا على اشتِدَادِ الحرِّ، وكَثرةِ حَاجَةِ الرُّعَاةِ إِلَى المَاءِ، وأَمَّا في فَصْلَي الشِّتَاء والرَّبيع فلا يَحْتاجُوْن إلى المِيَاهِ كَحَاجَتِهِمْ إِلَيهَا في الصَّيفِ، ولذلِك ابْتَغَى الرَّاعِي شُكَيَّهْ، قَال ابنُ قُتيبة في كتاب "الأنْوَاءِ ومَوَاسِمِ العَرَبِ" (29): ، وَظُهُوْرُهَا بالغَدَاةِ عندَهُم بعدَ الاسْتِسْرَارِ، وذلِكَ عِنْدَ قُوَّة الحَرِّ".
(¬4) هَذَا السَّجْعُ في كتاب الأنْوَاء لابن قُتيبَةَ (28)، والمُخَصَّص لابن سِيدَةَ (9/ 15)، والأزمنة والأمكنة للمَرزوقي (2/ 180)، والأزمنة لابن الأجدابي (139)، وفيه: "عشيا .. وكسيا" =