كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
عَلَى حَبَلَةٍ كَكَافِرٍ وَكَفَرَةٍ، وتأَمَّلَهُ (¬1) الأخْفَشُ عَلَى أنَّه جَمْعُ حَابِلَةٍ، والأوَّلُ أَقْيَسُ؛ لأنَّ فَاعِلَةَ إِنَّمَا بَابُهَا أَنْ يُجْمَعَ عَلَى فَوَاعِلٍ كَضَارِبَةٍ وضَوَاربَ، وفَاسقَةٍ وفَوَاسِقَ، وَحَكَى يَعْقُوْبُ (¬2) عَن أَبِي عُبَيدَةَ أَنه قَال: لَا يُقَالُ لِشَيءٍ مِنَ الحَيَوَانِ حُبْلَى غَيرِ المَرْأَة إلَّا في حَدِيثِ: "نَهَى عَن بَيع حَبَلِ (¬3) الحَبَلَةِ". قَال: وَذلَكَ (¬4) لا يَكُوْنُ [إلَّا] أَنْ تَكُوْنَ الإبِلُ حَوَامِلُ -لِشِبَعٍ- حُبلَى ذلِكَ الحَبَل، أَرَدَ أَبُو عُبَيدَةَ أَنَّ الحَبَلَةَ مَصْدَرٌ جَاءَ عَلَى فَعَلَةٍ كَمَا قَالُوا هَوَكَتِ النَّاقَةُ هَوَكَةً (¬5)، وبَلَمَتْ بَلَمَةً، وَهَدَمَتْ هَدَمَةً: إِذَا اشْتَهَتِ النِّكَاحِ، وَأَنكرَ عَلَيهِ الأخْفَشُ هَذَا وَقَال: كَيفَ يَجُوْزُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْحَبلِ حَبَلًا، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّا لَمْ نَسْمَعْ حَبَلَتْ حَبَلَةً؟ وَهَذَا الَّذِي قَالهَ الأصْمَعِيُّ لَا يَلْزَمُ؛ لأنَّ العَرَبَ قَدْ تُوْقعُ المَصَادِرَ مَوَاقعَ أَسْمَاءِ الفاعِلِينَ والمَفْعُولينَ فَيَقُوْلُوْنَ: رَجُل عَدْلٌ أَي: عَادلٌ، وَدِرْهَمٌ ضَرْبُ كَذَا، وَثَوْبٌ نَسْجُ اليَمَنِ، أَي: مَضْرُوْبٌ ومَنْسُوْجٌ، فِيَكُوْنُ قَدْ وَضَعَ الحَبَلَةَ الَّتِي هِيَ مَصْدَر مَوْضِعَ الحَبْلَى الَّتِي هِيَ صِفَة، وَمِثْلُهُ [قَوْلُهُ تَعَالى] (¬6): {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَن
¬__________
(¬1) كَذَا في الأصل، ولعلَّها: "وتأوَّله".
(¬2) تهذيب الألفاظ (345).
(¬3) في الأصل: "حبلى".
(¬4) في الأصل: "وذلِكَ أَنْ يَكُوْن الإبل ... ".
(¬5) هكَذَا في الأصْل، وفي نوادر أَبي مسحل الأعرابي (30): "ويُقَالُ: ناقةٌ ضبعةٌ ومضبعةٌ، وهدمةٌ، وهكعةٌ، وهوسةٌ، وقمعةٌ، ومُبْلِمَةٌ، وذلِكَ إِذَا طَلَبَتِ الفَحْلَ" ويُراجع: المُخَصَّص (7/ 3)، ولعلَّ "هوكت" محرفة عن هوست أو هكعة.
(¬6) سورة البقرة، الآية: 189.
الصفحة 128