كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
* مَتَى تَبْعَثُوْهَا تَبْعَثُوْهَا ذَمِيمَةً *
وَ"الزِّنَا": إِذَا نَسَبْتَهُ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّانِيَينِ عَلَى انْفِرَادِه قَصَرْتَه (¬1) وَجَعَلْتَهُ مَصْدَرَ زَنَى يَزْنِي زِنًا، وَإِذَا نَسَبْتَهُ إِلَيهِمَا مَعًا جَعَلْتَهُ مَصْدَرَ زَانَى يُزَانِي مُزَانَاةً وَزِنَاءً مَدَدْتَهُ.
- وَ [قَوْلُهُ: "وَحُلْوَانُ الكَاهِنِ رِشْوَتُهُ"]. الحُلْوَانُ: مُشْتَقٌّ مِنَ الحَلاوَةِ (¬2)، وَهُوَ يُسْتَعْمَلُ في كَلامِ العَرَبِ عَلَى أَرْبَعَةِ مَعَانٍ:
أَحَدُهَا: أُجْرَةُ الكَاهِنِ عَلَى كِهَانَتِهِ.
والثَّانِي: الرِّشْوَةُ الَّتِي يُرْشَى بِهَا الإنْسَانُ، كَاهِنًا كَانَ أَوْ غَيرَهُ.
والثَّالِثُ: أَنَّ الحُلْوانَ العَطِيَّةُ، رِشْوَةً كَانَتْ أَوْ غَيرَ رِشْوَةٍ. وَيُقَالُ: حَلَوْتُ الرَّجُلَ أَحْلُوْهُ حُلْوَانًا.
والرَّابعُ: أَنَّ الحُلْوَانَ: مَا يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ مِنْ مَهْرِ ابْنَتِهِ (¬3)، قَالتْ امْرَأةٌ تَمْدَحُ زَوْجَهَا:
* لَا يَأْخُذُ الحُلْوَانَ مِنْ بَنَاتِيَا *
¬__________
(¬1) المقصور والممدود لابن ولَّادٍ (50)، ويُراجع: المقصور والممدود للفرَّاء (42)، ولنْفطَوَيهِ (35)، ولأبي عليٍّ القالي (252) "رسالة" وهو أوسعها وأنْفَعُهَا، والصِّحَاحِ، واللِّسان، والتَّاج (زنا).
(¬2) زَادَ اليَفْرُنيُّ في "الاقتضاب" على هَذَا بقولهِ: "وعلى هَذَا هو في أَصْلِ اللُّغَةِ قال أَوْسُ بنُ حَجَرٍ يَهْجُو الحَكَمَ بنَ مَرْوَانِ بنِ زِنْبَاعٍ العَبْسِيُّ [ديوانه: 100]:
كَأنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ يَوْمَ مَدَحَتُهُ ... صَفَا صَخْرَةٍ صَمَّاءَ يَبْسٍ بِلالُهَا
وَقَال آخرُ: [عَلْقَمَةُ بنُ عَبْدَةَ، ديوانه: 131]:
فَمَنْ رَجُل أَحلُوْهُ رَحْلِي وَنَاقَتي ... يُبَلِّغُ عَنِّي الشِّعْر إِذْ مَاتَ قَائِلُهُ"
(¬3) اللِّسان (حَلا) وأَنْشَدَ البَيتَ.
الصفحة 131