كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
([كِتَابُ] القِرَاضِ) (¬1)
- القِرَاضُ: مُشْتَقٌّ مِنْ قَرَضْتُ أَي: قَطَعْتُ، وَمِنْ قَارَضْتُهُ بِمَا فَعَلَ أَي: كَافَأْتُهُ؛ لأنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ فَيَكُوْنُ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِطْعَةٌ مِنْهُ؛ ولأنَّهُمَا أَيضًا يَتَكَافآنِ في المَالِ، وسُمِّيَ هَذَا الفِعْلُ مُقَارَضَةً وقِرَاضًا؛ لأنَّه فِعْلٌ لَا يَكُوْنُ إلَّا مِن اثْنَينِ يَتَقَارَضَان فِي المَالِ، أَي: يَتَكَافَآنِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ. والعِرَاقِيُّونَ (¬2) يُسَمُّوْنَهُ مُضَارَبَةً، يَذْهَبُوْنَ فِيه إِلَى [قَوْلهِ تَعَالى] (¬3): {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} (¬4) [وَقَوْلُهُ تَعَالى]: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ} (¬5)، وكِلا العِبَارَتَينِ صَحِيحٌ في اللُّغَةِ، سُمِّيَ أَيضًا مُضَارَبَةً وَضِرَابًا (¬6)؛ لأنَّه فِعْل من اثْنَتَينِ، قَال ابنُ قُتَيبَةَ: الشَّرِكَةُ ثَلاثٌ، شَرِكَةُ مُضَارَبَةٍ، وأَصْلُ المُضَارَبَةِ الضَّرْبُ في الأرْضِ، وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ المَال عَلَى أَنْ يَخْرُجَ بِهِ إِلَى الشَّامِ وَغَيرِهَا فَيُبْتَاعَ المَتَاعُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، أَي: عَلَى أَنْ يَكُوْنَ الرِّبْحُ بَينَهُمَا نِصْفَينِ، أَوْ عَلَى مَا يَتَّفِقَانِ
¬__________
(¬1) المُوطَّأ رِوَايَة يَحْيَى (687)، ورواية أبي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ (2/ 289)، ورواية محمَّد بن الحسن (381) (باب الشَّركة في البيع)، وتَفسير غريب المُوطَّأ لابنِ حَبِيب (2/ 82)، والاستذكار (21/ 119)، والمُنْتَقَى (5/ 149)، وَالقَبَس لابن العربي (568)، وتنوير الحوالك (2/ 173)، وشرح الزُّرقاني (3/ 345)، وكشف المُغَطَّى (284).
(¬2) هم الأحناف.
(¬3) في الأصل: "قولهم".
(¬4) سورة النِّساء، الآية: 101.
(¬5) سورة المُزَّمِّل، الآية: 20.
(¬6) في الأصل: "ضاربا".
الصفحة 155