كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
فَهَذَا لَا يَصْلُحُ فِيهِ إلَّا الرَّفْعُ.
- وَقَوْلُهُ: "حَتَّى يَحْضُرَ صَاحِبُ المَالِ فَيَأخُذُ مَالهُ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرَّبْحَ". كَذَا الرِّوَايَةُ بِرَفْعِ "يَأْخُذُ" وَ"يَقْتَسِمَانِ" عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ، كَأَنَّهُ قَال: فَهُوَ يَأْخُذُ، ثُمَّ هُمَا يَقْتَسِمَانِ، والنَّصْبُ وحَذْفُ النُّوْنِ جَائِزٌ (¬1). وأَمَّا قَوْلُهُ: "حَتَّى يَسْتَوْفِيَ صَاحِبَ المَالِ رَأْسَ مَالِهِ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بَينَهُمَا" بإِثْبَاتِ النُّوْنِ هَهُنَا، والرَّفْعُ هُوَ الوَجْهُ، وَكَذلِكَ قَوْلُهُ بَعْدَ ذلِكَ: "ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ بَينَهُمَا"، "ثُمَّ يَرُدُّ إِلَيهِ المَال إِن شَاءَ أَوْ يَحْبِسُهُ"، الرَّفْعُ في هَذَا كُلِّهِ هُوَ الوَجْهُ لَا يَجُوْزُ غَيرُهُ.
- وَقَوْلُهُ: "مَخَافَةَ أنْ يَكُونَ [العَامِلُ] قَدْ نَقَصَ فِيهِ". كَذَا الرِّوَايَة، وَكَانَ الوَجْهُ قَدْ نَقَصَ مِنْهُ؛ لأنَّ هَذَا الفِعْلَ يَتَعَدَّى بـ"مِنْ" لا بـ"فِي" قَال تَعَالى (¬2): {أَو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} ولكِنَّهُ كَلامٌ مُحَوَّلٌ علَى المَعْنَى؛ لأنَّ المَعْنَى: أَحْدَثَ فِيهِ نَقْصًا كَمَا قَال (¬3):
إِذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيرٍ ... لَعَمْرُ الله أَعْجَبَنِي رِضَاهَا
لأنَّها إِذَا رَضِيَتْ عَنْهُ أَقْبَلَتْ [بِوُدِّهَا] عَلَيهِ، فَأَجْرَى الرِّضَا مَجْرَى الإقْبَالِ [إِذْ كَانَ بِمَعْنَاهُ] (¬4).
¬__________
(¬1) كذا في "الموطَّأ" رواية يحيى.
(¬2) سورة المزمل، الآية: 3.
(¬3) سبق ذكره في الجزء الأول.
(¬4) في الأصل: "حبلت تحبل" ولا معنى لها هُنَا والزِّيادة من "الاقتضاب" لليَفْرُنِيِّ وقد نَقَل عبارة المؤلِّف بحروفها.
الصفحة 168