كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

قُرِئَ قَوْلُهُ تَعَالى (¬1): {[فَسَالتْ] أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا}.
- وَقَوْلُهُ: "إنْ كَانَ قَلِيلًا فَقَلِيلًا وإِنْ كَانَ كثيرًا فَكَثيرًا" وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ "فَبِقَدْرِهِ" (¬2)، هَكَذَا الرِّوَايَةُ بالنَّصْبِ، وَهُوَ صَحِيحٌ. وَتَقْدِيرُهُ - في العَرَبِيَّةِ - إِنْ كَانَ النَّصِيبُ قَلِيلًا فَيَكُوْنُ المَأْخُوْذُ قَلِيلًا، وإِنْ كَانَ النَّصِيبُ كَثيرًا فَيَكُوْنُ المَأْخُوْذُ كَثِيرًا. وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: "فَقَلِيلٌ ... فَكَثيرٌ" بالرَّفْعِ في الثَّوَانِي عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ، والتَّقْدِيرُ: إِنْ كَانَ النَّصِيبُ قَلِيلًا فَالمَأْخُوْذُ قَلِيلٌ في الشُّفْعَةِ، وإِنْ كَانَ كَثِيرًا (¬3) فَالمَأْخُوْذُ كَثيرٌ.
- وَ [قَوْلُهُ]: "فَتشَاحُّوا": تَفَاعَلُوا، مِنَ الشُّحِّ.
¬__________
(¬1) سورة الرَّعد، الآية: 17. فَتْحُ الدَّالِ هي قِرَاءَةُ الجُمْهُوْرِ، وَجَزْمُهَا قراءةُ أَبِي عَمْرٍو، وَالحَسَنِ، والمطوعِيِّ، وَالأشْهَبِ، والعُقَيلِيِّ، وزيدِ بنِ عَلِيٍّ. يُراجع: المحرر الوجيز (8/ 155)، وزَاد المسير (4/ 321)، وتفسير القرطبي (9/ 509)، والبحر المحيط (5/ 381).
(¬2) كذا في رواية يحيى.
(¬3) في الأصل: "كثير".
وهَذَا الحديث أولى من تمثيل النُّحاة بقوله: "النَّاسُ مَجْزِيُّونَ بأَعْمَالِهِم إنْ خَيرًا فَخَيرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ" لأنَّ هَذَا الحَدِيثَ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ النُّحَاةُ قَال عنه في "المقاصد الحسنة": "ليس بحديثٍ، وقولُ النَّحويين إنَّه حديثٌ غَلَطٌ". أقُوْلُ: وَرَدَ في شرح المفصل (2/ 97)، وشرح الألفية لابن الناظم (55)، وشرح الكافية للرضي (1252)، وأوضح المسالك (1/ 261)، وشرح الأشموني (1/ 242) ... وغيرها. أمَّا إمامُ النّحَاة سيبويه فقد أورده في كتابه (1/ 258)، على أنَّه قَوْلٌ مَأْثُورٌ، قال - قبل إيراده -: ومن ذلك "قولك"، وكذلِك قال بعض النَّحويين أيضًا، ورواه العلَّامة ابن مالك في كتابه شواهد التَّوضيح والتَّصحيح (71): "المَرْءُ مَجْزِيٌّ بِعَمَلِهِ ... ".

الصفحة 171