كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
[مَا لَا تَقَعُ فِيه الشُّفْعَةُ]
-[قَوْلُهُ: "ولَا شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ ولَا فِي فَحْلِ النَّخلِ"] [4]. قَال أَبُو عُبَيدٍ (¬1): فِي [حُكْمِ] (¬2) عُثْمَانَ "وَلَا شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ وَلَا فَحْلِ النَّخْلِ" وَذلِكَ أَنْ يَكُوْنَ البِئْرُ بَينَ نَفَرٍ، وَلِكُلِّ نَفَرٍ مِنْهُم حَائِطٌ عَلَى حَدَّةٍ، وكُلُّهُمْ يَسْقِي حَائِطَهُ مِنْ هَذَا البِئْرِ، فَهُمْ شُرَكَاءٌ في السَّقْيِ مِنْهَا، وَلَا شَرِكَةَ بَينَهُمْ في النَّخْلِ، فَمَنْ بَاعَ حَائِطَهُ فلَيسَ لِشُرَكَائِهِ فِي البِئْرِ شُفْعَةٌ في الحَائِطِ بِسَبَبِ شَرِكَتِهِمْ في البِئْرِ، وَكَذلِكَ فَحْلُ النَّخْلِ يَكُوْنُ لِرَجُلٍ في حَائِطِ رَجُلٍ لَا شِرْكَ لهُ مَعَهُ إلَّا ذلِكَ الفَحْلَ فَإِنَّهُ إِنْ بَاعَ صَاحِبَ الحَائِطِ حَائِطَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ الفَحْلِ مِنْ أَجْلِ فَحْلِهِ ذلِكَ، قَال ابنُ قُتَيبَةَ (¬3): مَا قَالهُ أَبُو عُبَيدٍ (¬4) خَارِجٌ عَنِ التِمَاسِ الحِيَلِ وَطَلَبَ المَخْرَجِ، وَلَوْ أَرَادَ عُثْمَانُ مَا تَأَوَّلَ أَبُو عُبَيدٍ لَقَال: لَا شُفْعَةَ في بِئْرٍ (¬5) ولا فَحْلٍ، إِنَّمَا كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيهِ أَبُو عُبَيدٍ مِنَ الحِيلَة في التِمَاسِ المَخْرَج لَوْ كَانَ لَفْظُ الحَدِيثِ يُخَالِفُ مَذَاهِبَ الفُقَهَاءِ، إِنَّمَا الحَدِيثُ مُسْتَغْنٍ بِظَاهِرِهِ عَنْ تأْويلِ، إِنَّمَا أَرَادَ البِئْرَ تَكُوْنُ بَينَ قَوْمٍ فَيَبِيعَ أَحَدُهُم نَصِيبَهُ مِنْهُ، أَنّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِشُرَكَائِهِ. وَكَذلِكَ الفَحْلُ، وإِنَّمَا كَانَ ذلِكَ؛ لأنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلانِ القَسْمِ، وَكُلٌّ مَا لَمْ يَحْتَمِلِ القَسْمَ فَهَذَا حُكْمُهُ.
قَال (ش): ذَهَبَ أَبُو عُبَيدٍ إِلَى أَنْ [مَعْنَى] "فِي" مَعْنَى البَاءِ تَقُوْلُ: زَيدٌ
¬__________
(¬1) غريب الحديث (4/ 419، 420).
(¬2) في الأصل: "في مولى".
(¬3) إصلاح غلط أبي عبيد (110).
(¬4) في الأصل: "أبو عبيده" وهو خطأ.
(¬5) في إصلاح غلط أبي عبيد: "ببئرٍ".
الصفحة 173