كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

ونَصْبُهُ عَلَى البَدَلِ أوْ عَطْفِ البَيَانِ، وَيَكُوْنُ الخَبَرُ: جَاءَنِي.
- وَ [قَوْلُهُ: "بحُنينَ"]. وَقَعَ في الرِّوَايَةِ: "حُنَينَ" غَيرَ مُنْصَرَفٍ، ذَهَبِ بِهِ إلى الأرْضِ والبُقْعَةِ، وَمَنْ صَرَفَهُ ذَهَبَ بهِ إلى المَوْضِعِ، وَهُوَ أَشْبَهُ قَال [تَعَالى] (¬1): {وَيَوْمَ حُنَينٍ} (¬2).
- وَوَقَعَ في رِوَايةَ يَحْيى: "ثُمَّ رَجَعَ". ولا مَعْنَى لِذِكْرِ الرُّجُوع ههنَا، وَرَوَى غَيرُهُ: "خَرَجَ" (¬3) وأَظُنُّهُ: "زَحَفَ" فَصَحَّفَهُ الرَّاوي، وَمَعْنَاهُ: نَهَضَ لِلْقِتَالِ، يُقَالُ: زَحَفَ القَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ.
- وَقَوْلُهُ: "حَتَّى أسْلَمَ صَفْوَانُ". هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ القَائِلِ: لَا تُقِمْهُ مَنْ مَوْضِعِهِ (¬4) حَتَّى يَقُوْمَ عَلَى اخْتِيَارِهِ، مَعْنَاهُ، اتْرُكْهُ حَتَّى يَقُوْمَ عَلَى اخْتِيَارِهِ، وَلَيسَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلكَ: مَا عَاقَبْتُ زَيدًا حَتَّى اسْتَحَقَّ العِقَابَ؛ لأن هَذَا يُوْجِبُ أَنْ يَكُوْنَ إِسْلامُ صَفْوَانَ سَبَبًا مُوْجِبًا للتَّفْرِقَةِ بَينَهُ وَبَينَ امْرَأَتِهِ، كَمَا [كَانَ] (¬5)
¬__________
(¬1) سورة التوَّبَة، الآية: 25. و"حنين" مَصْرُوْفٌ في المطبوع من رواية يَحْيَى.
(¬2) نَقَلَ اليَفْرُني نَصَّ المُؤَلِّفِ هَذَا كُلُّهُ في "الاقْتِضَابِ" حَرْفًا حَرْفًا، ثَمَّ قَال: قَال العَبَّاسُ بنُ مِرْدَاس:
شَهِدْنَ مَعَ النَّبِيِّ مُسَوَّمَاتٍ ... حُنَينا وَهْيَ دَامِيَةُ الحَوَامِي"
أقُوْلُ: البَيتُ الَّذِي أَنْشَدَهُ اليَفْرَني للعَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسَ في ديوانه (54) مع أَبْيَاتٍ تُنْسَبُ إلى الحريش بن هِلال القُرَيعِي، ورُبَّمَا نُسِبَتْ إلى خِفَافِ بنِ نُدية السُّلَمِيِّ، ديوانه (128)، ولتَخْرِيجِ البَيتِ يُراجع هامش "الاقْتِضَاب" لليَفْرَنيِّ.
(¬3) الموجود في المطبوع (رواية يحيى): "ثُمَّ خَرَجَ" و (خَرَجَ) صَحِيحَةٌ سَلِيمَةٌ، مُنَاسِبَةٌ للمَعْنَى، قال اللهُ تعالى: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا}.
(¬4) في الأصل: "من موضع".
(¬5) في الأصل: "قال".

الصفحة 18