كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

- وَفِي قَوْلِ عُمَرَ: "أَوْ قَدْ ظَهَرَ ذلِكَ" (¬1) دَلِيلٌ (¬2) عَلَى مَنْ قَال: إِنَّ الشَّهَادَةَ فِي الحَوْدَبِ أَوَّلُ شَهَادَةِ زُوْرٍ شُهِدَ بِهَا فِي الإسْلَامِ، والحَوْدَبُ (¬3): اسْمُ مَاءٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ.

[القَضَاءُ في شَهَادَةِ المَحْدُوْدِ]
- قَوْلُهُ: "الَّذِي يُجْلَدُ الحَدَّ ثُمَّ تَابَ وأَصْلَحَ" [4]، كَذَا الرِّوَايَةُ، وَكَانَ الوَجْهُ أَنْ يَقُوْلَ: ثُمَّ يَتُوْبُ ويُصْلِحُ وَكَذلِكَ قَوْلُهُ: "هُوَ أحَبُّ مَا سَمِعْتُ إلَيَّ فِي ذلِكَ" [2]. وَكَانَ الوَجْهُ: مَا سَمِعْتُ فِي ذلِكَ إِلَيَّ؛ لِئَلَّا يَحُوْلُ بَينَ الصِّلَةِ والمَوْصُوْلِ بِمَا لَيسَ مِنْهَا، وَلكِنَّهُ كَلامٌ فِيهِ تَسَامُحٌ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ العَرَبَ رُبَّمَا عَطَفَتْ المَاضِيَ عَلَى المُسْتَقْبَلِ، والمُسْتَقْبَلَ عَلَى المَاضِي، وعَلَى هَذَا تَأْويلُ النَّحْويِّينَ (¬4) قَوْلَ العَرَبِ: "سِرْتُ حَتَّى أَدْخُلُهَا" بالرَّفْعِ، وأَنَّ المَعْنَى: سِرْتُ فَدَخَلْتُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالى (¬5). {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} بالرَّفْعِ أَنَّ المَعْنَى: فَقَال الرَّسُوْلُ، وَكَذلِكَ قَوْلُهُ [تَعَالى] (¬6): {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} في بَعْضِ الأقْوَالِ. وَقَدْ تَعْطِفُ العَرَبُ الفِعْلَ المَاضِي
¬__________
(¬1) في الموطَّأ: "أو قد كان".
(¬2) في الأصل: "ليلى".
(¬3) لم أقف على ذكر له في كتب المواضع.
(¬4) في الأصل: "النحويون".
(¬5) سورة البقرة، الآية: 214، وقراءة الرفع لنافعٍ. قال ابنُ مُجَاهِدٍ في السَّبْعَةِ (118): "وقد كان الكسائي يقرؤها -دهرًا رفعًا-، ثم رجع إلى النَّصْبِ، هَذِهِ رواية الفرَّاء، أخبرنا بذلِكَ محمَّد بن الجهم عن الفرَّاء عنه".
(¬6) سورة الحج، الآية: 25.

الصفحة 181