كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
زهُيرِ بنِ أبِي سُلْمَى (¬1):
وَفَارَقْتَكَ بِرَهْنٍ ......... ... .......................... البيت
أَرَادَ أَنّهَا: مَلَكَتْ قَلْبَهُ وَلَمْ تَصْرِفْهُ عَلَيهِ، فَلَيسَ -هَهُنَا- لِلشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَهُ الفُقَهَاءُ فِي الغَلْقِ ذِكْرٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ ابنِ دَارَةَ (¬2):
أَجَارَتَنَا مَنْ يَجْتَمِعْ يَتَفَرَّقِ ... وَمَنْ يَكُ رَهْنًا لِلْحَوَادِثِ يَغْلَقِ
وَإِنَّمَا أَرَادَ تَعَذُّرَ تَخَلُّصهِ وامْتِنَاعِ فَكِّهِ.
وَمِنَ المَعْنَى الثَّانِي: مَا حَكَاهُ أَهْلُ اللُّغَةِ [فِي قَوْلِ العَرَبِ] (¬3): "أَهْوَنُ من قُعَيسٍ عَلَى عَمَّتِهِ" فَإِنَّ قُعَيسًا رَهَنَتْهُ عَمَّتُهُ في حُزْمَةِ بِقْلٍ وَأَبَتْ أَنْ تَفكَّهُ وَقَالتْ: غَلَقَ الرَّهْنُ، وأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَال: غَلْقُ الرَّهْنِ ضَيَاعُهُ فَلَا أَعْرِفُ ذلِكَ مَحْكِيًّا عَنْ
¬__________
(¬1) شرح ديوانه (33)، والبيتُ بِتَمَامِهِ:
وَفَارَقَتْكَ برَهْن لَا فِكَاكَ لَهُ ... يَوْمَ الوَدَاعِ فَأَمْسَى رَهْنُهَا غَلِقَا
(¬2) هُوَ سَالِمُ بنُ دَارَةَ الغَطَفَانِيُّ شَاعِرٌ مُخَضَرَمٌ لَهُ أَخْبَارٌ وأَشْعَارٌ قليلة، يُراجع: نوادر المخطوطات (المجموعة الثَّانية) (156، 157، 263)، والأمالي (94، 123)، والشِّعْر والشُّعراء (401، 403)، والإصابة (3/ 246).
(¬3) تَنَاقَلَتْ كُتُبُ الأمْثَالِ والأدَبِ قَصَصًا مُخْتَلِفَةً لِهَذَا المَثلِ، ولَيسَ فِيهَا مَا ذَكَرَ المُؤلِّفُ. فَقِيلَ: إِنَّ عَمَّتَهُ رهَنَتْهُ بِصَاعِ بُرٍّ. وَقِيلَ: إِنَّهَا أَدْخَلَتْ كَلْبًا في دَارِهَا وأَخْرَجَتْ قُعَيسًا خَارجَ الدَّارِ في البَرْدِ والمَطَرِ حَتَّى مَاتَ. وَقِيلَ: إِنَّهَا أَدْخَلَت عَنْزًا لَهَا وأَخْرَجَتْهُ. وقيل: إِنَّ سَبَبَ ذلِكَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عَلَى وفَاقٍ مَعَ وَالِدِهِ (أَخُوْهَا) فَمَاتَ وَتَرَكَهُ صَغِيرًا .. ولِضَبْطِ اسمِهِ والفَوَائِدِ المذكورة حَوْلَ المَثَلِ يُراجع: الفاخر (33)، الدُّرة الفَاخرة (2/ 432)، وجَمهرة الأمثال (2/ 373)، وكتاب أفعل (80)، ومجمع الأمثال (2/ 407)، والمُستقصى (1/ 447)، وتمثال الأمثال (355)، وهو في ثمار القلوب (138)، والصِّحاح، واللِّسان، والتَّاج (قعس).
الصفحة 185