كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

إِمَامٍ مِنَ اللُّغَويِّينَ، والرِّوَايَةُ: "لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ" بِرَفْعِ القَافِ عَلَى لَفْظِ الخَبَرِ وَمَعْنَاهُ النَّهْيِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ [تَعَالى] (¬1): {لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ (79)} [وَ] {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} (¬2) وَيُقَالُ: رَهَنْتُ الرَّهْنَ وأَرْهَنْتُهُ، وأَنْكَرَ الأصْمَعِيُّ أَرْهَنْتُهُ وَقَال: لَا يُقَالُ: أَرْهَنْتُ إِلَّا بِمَعْنَى: أَسْلَفْتُ، وَبِمَعْنَى: أذَقْتُ، فَاحْتُجَّ عَلَيهِ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ -ابنِ هَمَّامٍ السَّلُوْلِيِّ-: (¬3)
فَلَمَّا خَشِيتُ أَظَافِيرَهُمْ ... نَجَوْتُ وَأَرْهَنُهُم مَالِكَا
فَقَال: إِنَّمَا الرِّوَايَةُ: "نَجَوْتُ وَأَرْهَنْتُهُم" كَمَا يُقَالُ: وبيت إليه وأَصُكُّ عَينَهُ، يُرِيدُ: إِنَّهُ فَعْلٌ مُضَارعٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مُبْتَدَأ، والجُمْلَةُ في مَوْضِعِ الحَالِ، كَأَنَّهُ قَال: نَجَوْتُ وَأَنَا أَرْهَنُهُمْ، أَي: نَجَوْتُ وَهَذَا حَالِي، وأَنْشَدَ غَيرُ الأصْمَعِيِّ - لِدُكَينٍ -: (¬4)
¬__________
(¬1) سورة الواقعة.
(¬2) سورة البقرة، الآية: 233.
(¬3) اللِّسان (هون) وبعده هناك:
غَرِيبًا مُقِيمًا بِدَارِ الهَوَا ... نِ أَهْوِنْ عَلَيَّ بِهَا هَالِكَا
وَأَحْضَرْتُ عِنْدِي عَلَيهِ الشُّـ ... ـهُوْدَ إِن عَاذِرًا لِي وَإِنْ تَارِكَا
وَقَدْ شَهِدَ النَّاسُ عِنْدَ الإمَـ ... ـامِ أَنِّي عَدُوٌّ لأعْدَائِكَا
جَاءَ في اللِّسان: قَال هَمَّامُ بنُ مُرَّةَ، وهو في "الصِّحاح" لعبد الله بن هَمَّامٍ، وَقَد تَقَدَّم ذكره، ويُراجع في تخريج البيت زيادة على ما مرَّ في الجزء الأول: الأفعال للسَّرقسطي (3/ 25)، والمقرب (1/ 155)، وشرح التَّسهيل لابن مالك (2/ 367)، وشرح الشَّواهد للعيني (3/ 190)، وشرح الأشموني (2/ 187)، والهمع (1/ 246).
(¬4) دُكَينُ بنُ رَجَاء الفُقَيمِيُّ، دَرِامِيٌّ، تَمِيمِيٌّ، شَاعِرٌ، رَاجِزٌ، أُمَويٌّ، فَارِسٌ من فرسان عصره، وَفَدَ عَلَى عبدِ الملكِ بنِ مَرْوَان .. له أخبارٌ في الأغاني، والشِّعْر والشُّعراء (2/ 508)، =

الصفحة 186