كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرِيدَ: عَلَى لِسَان عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَمَا يُقَالُ: فُلان تَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِ فُلانٍ، فَحَذَفَ المُضَافَ وأَقَامَ المُضَافَ إِلَيهِ مَقَامَهُ.
والآخَرُ: أَنْ يَكُوْنَ "عَلَى" بِمَعْنَى اللَّامِ (¬1).
-[وَقَوْلُهُ: [وَ] مِثْلِي يُفْتَاتُ عَلَيهِ؟ ] [15]. زَعَمَ يَعْقُوْبُ (¬2) أَنّه إِنَّمَا يُقَالُ: أَفْتَأَتَ عَلَيهِ بالهَمْزِ؛ وَلَا يُقَالُ بِغَيرِ هَمْزٍ، وَمَا قَالهُ لَيسَ بِصَحِيحٍ؛ لأنَّه لَوْ كَانَ مَهْمُوْزًا كَمَا زَعَمَ لَجَازَ تَسْهِيلُهُ كَمَا يُسَهَّلُ كُلُّ مَهْمُوْزٍ، وَكَيفَ وَقَوْلُ النَّاسِ أَفْتَاتَ [-بِغَيرِ هَمْزٍ-] صَحِيحٌ؟ ! عَلَى أَنْ يَكُوْنَ افْتَعَلَ مِنْ فَاتَ الأمْرُ. وَكَانَ الوَجْهُ: أَمِثْلِي -فِي المَوْضِعَينِ- بِهَمْزَةِ الاسْتِفْهَامِ وَلَا يَحْذِفُوْنَهَا إلَّا مَعَ "أَمْ" في المَشْهُوْرِ مِنْ كَلامِهِمْ؛ لأنَّ "أَمْ" تَدُلُ عَلَيهَا، وَرُبَّمَا حُذِفَتْ دُوْنَ ذِكْرِ "أَمْ" اتّكَالًا عَلَى فَهْمِ المُخَاطَبِ.
- وَذَكَرَ قَوْلَ ابنِ عَبَّاسٍ: "خَطَّأَ اللهُ نَوْءَهَا". فَقَال: العَرَبُ تَنْسِبُ الأنْوَاءَ إِلَى مَنَازِلِ القَمَرِ السَّاقِطَةِ في المَغْرِبِ، وبَعْضُهُمْ كَانَ يَنْسِبُهَا إِلَى الطَّالِعَةِ في المَشْرِقِ، والأوَّلُ أَشْهَرُ، وَمَعْنَى النَّوْءِ: سُقُوْطُ نَجْمٍ وطُلُوع آخَرُ، مِنْ نَاءَ الطَّالِعُ
¬__________
(¬1) نَقَلَ اليَفْرُنيُّ عبارةَ المُؤَلِّفِ هُنَا في كِتَابِهِ "الاقْتِضَاب" وَزَادَ عَلَيهَا بَعْدَ قَوله: "بمَعْنَى اللَّامِ" كَمَا قَال الرَّاعي [ديوانه: 142]:
رَعَتْهُ أَشْهُرًا وَخَلا عَلَيهَا ... فطَارَ النَّيءُ فِيهَا واسْتَعَارَا
(¬2) إِصْلاح المنطق (149)، وتهذيبه (366، 367)، وترتيبه "المَشُوْفُ المُعْلَمُ" (587).
وَجَاءَ في تَهْذِيبِ الإصْلاحِ: "وَقَدْ أفتات بأمْرِهِ: إذَا اسْتبَدَّ، وَقَال ابنُ الأعْرَابِيِّ: افتَاتَ: غيرُ مَهْمُوزٍ من الفَوْتِ قال أبو عُبَيدَةَ: تَفَوَّتَ غيرُ مَهْمُوْزٍ، والدَّليلُ عَلَى صِحَّةِ مَا حَكَى يَعْقُوْبُ مَا حَكَى أبُو زَيدٍ في "النَّوادِرِ" ... ".
الصفحة 29