كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
أَصْلُهُ: أُدُم بضمِّ الدَّالِ، ثُمَّ يُسَكَّن تَخْفِيفًا كَمَا يُقَال في عُنق عُنْق (¬1)، وَيَدُل عَلَى أَنَّ الأُدْمَ يَكُوْن وَاحِدًا قَوْلُ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: ["إنَّ سَيِّد أُدْمِ الدُّنيَا والآخرَةِ اللَّحْمُ" وَقَال: "نِعْمَ الأدمُ الخَلُّ" وحَدِيثُ عُمَرَ: "أنَّه نَهَى عَنْ جَمْع أُدمَينِ في أُدْمٍ". واشْتِقَاقُهُ مِنْ أَدَمْتُ الشَّيءَ] بالشَّيءِ: إِذَا قَرَنْتُهُ بِهِ وَخَلَطْتُهُ، وأَدَمَ اللهُ بَينَ الرَّجُلينِ وآدَمَ: إِذَا حُبِّبَ بَعْضُهُمَا إلى بَعْض، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، لِلْمُغِيرَةِ: "لَوْ نَظَرتَ إليهَا ... " الحَدِيثِ" أَي: يُوَفَّقُ، وَقَال الرَّاجِزُ (¬2):
* وَالبِيضُ لَا يُؤدِمْنَ إِلَّا مُؤدَمَا"
أَي: لَا يُحْبِبْنَ إِلَّا مُحَبَّبًا.
- وَقَوْلُ أنسٍ: "قُمْتُ عَلَيهِمْ". لَيسَ مِنَ القِيَامِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ المَشْيِ (¬3)، يُقَالُ: قَامَ الرَّجُلُ: إِذَا وَقَفَ وَلَمْ يَنْهَضْ، وَقَامَتْ الدَّابَّةُ: إِذَا وَقَفْتَ من الإعْيَاءِ، وقَامَتِ الشَّمْسُ نِصْفَ النَّهَارِ: إِذَا خُيِّلَ إِلَيكَ أَنّهَا سَكَنَتْ، [وَقَوْلُهُ تَعَالى] (¬4): {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيهِمْ قَامُوا} أي: وَقَفُوا على فَمِهِ.
-[قَوْلُهُ: "واكْفِؤُوا الإنَاءَ"] [21]. يُقالُ: كَفَأت الإنَاءَ وأَكْفَأتهُ.
-[قَوْلُهُ: "وخَمِّرُوا الإنَاءَ". أَي: غَطُوا واستُرُوا.
¬__________
(¬1) أَنْشَدَ بَعْدَهُ اليَفْرَنيّ في "الاقْتِصابِ" للنابِغَةِ [ديوانه: 63]:
إِني أتَمِّمُ أَيسَارِي وأَمْنَحَهُمْ ... مَثنى الأيَادِي وأَكْسُوَا الجَفْنَةَ الأُدُما
(¬2) اللسان (أدم) دون نسبة.
(¬3) هُنَا يَصْلح أن يذكُرَ كَلامَ ابن قتيبة السَّالِفِ الذكر؛ لأن القِيَامَ قَد يُطْلَقُ ويُراد به شيءٌ آخر، ولا يُقْصَد به ما كان ضد المشي أو القُعُوْد.
(¬4) سورة البقرة، الآية: 20.
الصفحة 347