كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

خَطَبَ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ فَقَالتْ: هُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي إِنْ تزَوَّجْتُهُ فَلَمَّا وَلِيَ مُصْعَبٌ العِرَاقَ خَطَبَهَا فَسَأَلتْ فُقَهَاءَ المَدِينَةِ عَنْ ذلِكَ فَأفتَوْهَا بَأَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً وَتَتزوَّجَهُ، فَأَعْتَقَتْ غُلامًا لَهَا في الفَيءِ وتزَوَّجَتْهُ، وَجَاءَتْ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ عَنِ الحَسَنِ بنِ زِيَادٍ (¬1) أَنَّ عَلَى المَرْأَةِ الظِّهَارَ، إِذَا هِيَ ظَاهَرَتْ كالرَّجُلِ، وَهُوَ شَيء لَا يُلْتَفَتُ إِلَيهِ. واخْتُلِفَ: هَلْ عَلَيهَا كَفَّارَة؟ عَلَى قَوْلَينِ.

[مَا جَاءَ في الخِيَارِ]
-[وقَوْلُهُ: "وأُدْمُ مِنْ أُدْمِ البيتِ"] [25]. الأُدْمُ يَكُوْنُ وَاحِدًا وَيَكُوْنُ جَمْعًا، فَمَنْ جَعَلَهُ وَاحِدًا جَمَعَهُ عَلَى: آدَامٍ، [كَجمل وأَجمالٍ] (¬2)، وَهَذَا فِي العَدَدِ القَلِيلِ، فَإِنْ أَرَادَ الكَثيرَ قَال: إِدَامٌ بِمَنْزِلَةِ جِمَالٍ، وَمَنْ جَعَلَ الأُدْمَ جَمْعًا فَوَاحِدُهُ إِدَامٌ، وأَصْلُ الدَّالُ في الأُدُمِ الضَمُّ، ثُمَّ يُخفَّفُ كَحِمَارٍ وحُمُرٌ وحُمْرٌ، وغَيرُ مَنْكَرٍ أَنْ يَكُوْنَ ضَمُّ الدَّال لُغَةً، واشْتِقَاقُهَا من أَدَمْتُ الشَّيئَينِ: خَلَطْتُهُمَا، يُقَالٌ: أَدَمَ اللهُ بَينَهُمَا وآدَمَ، أَي: لائَمَ وَجَمَعَ، وَمِنْهُ قَولُ النَّبِيِّ [- صلى الله عليه وسلم -]، لِلْمُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ [رَضِيَ الله عَنْهُ] (¬3) -وَقَدْ قَال: إِنِّي خَطَبْتُ امْرَأَةً-: "لَوْ نَظَرْتَ إِلَيهَا فَإنَّه أَحْرَى أنْ يُؤْدَمَ بَينَكُمَا".
¬__________
(¬1) الحَسَنُ بنُ زِيَادٍ، العَلَّامةُ، الفَقِيهُ، أَبُو عَلِي الأنْصَارِيُّ، مَوْلاهُم، اللُّولُؤيُّ، صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ، نزَلَ بَغْدَادَ، وصَنَّفَ، وتَصَدَّرَ لِلْفِقْهِ (ت 204 هـ). سير أَعْلام النُّبلاء (9/ 543)، والجواهر المضية (1/ 193)، والشَّذَرَات (2/ 12). وهو مَعْدُوْدٌ في أَصْحَابِ أَحْمَد. يُراجع: طَبقَات الحنَابلة لابن أبي يعلى (1/ 132).
(¬2) في "الاقتضاب": "جعل وأجعال".
(¬3) في (س).

الصفحة 36