كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
تَعَالى] (¬1): {رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ} أَي: عَلَى لِسَانِ رَجُلٍ [مِنَ] العَرَبِ.
[إِصْلاح الشَّعْرِ]
العَرَبُ تُسَمِّي الشَّعْرَ الذِي عَلَى الرَّأسِ رَأْسًا، لكُوْنه عَلَى الرَّأْسِ، كَمَا تُسَمَّى الأهْدَابَ أَشْفَارًا؛ لِنبَاتِهِ على الشّفرِ، وسَائِرِ الرَّأْسِ: قَائِمُ الشَّعْرِ.
-[قَوْلُهُ: "ثَائِرَ الرَّأسِ كأنَّهُ شَيطَان"] [7]. الشَّيطَانُ -وإِنْ كَانَ رُوْحَانِيًّا وَلَيسَ بِذِي جِسْمٍ- فَقَدْ صَحَّ في نُفُوْسِ الناسِ أَنّه في غَايَةِ القُبْحِ "فَلِذلِكَ صَحَّ التَّشبِيهُ بهِ (¬2)، وأَيضا فَإِنَّه يتصَوَّرُ وَيَتَمَثَّلُ كَمَا تَمَثَلَ إِبْلِيسُ في صُوْرَةِ سُرَاقَةِ بنِ جُعْثُم (¬3)، وَكَانَ مِنْ أقْبَحِ النَّاسِ. والمَلائِكَةُ رُوْحَانِيُّوْنَ وَلكِنَّهُمْ يَتَمَثَّلُوْنَ في صُوْرَةِ الحِسَانِ من بني آدَمَ كَدِحْيَةِ الكَلْبِيِّ (¬4). وأَنْشَدَ قَوْلَ الحُسَينِ (¬5):
يَسْوَدُّ أَعْلاهَا وتَأْبَى أُصُوْلُهَا ... فَيَا ليتَ مَا يَسْوَدُّ مِنْهَا هُوَ الأصْلُ
¬__________
(¬1) سورة الأعراف، الآية: 63.
(¬2) كما جاء في قوله تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}.
(¬3) هكَذَا في الأصلِ، وفي "الاقتضاب": "وفي الصَّحابة: "سراقة بن مالك بن جعشم"، قَال الحَافِظ ابنُ حَجَر: وَقَدْ يُنْسَبُ إلى جَدَّة. ولم يذكر في سيرة حيَاتِهِ وأَخْبَارُهُ أنَّ الشَّيطَانَ كان يَتَمَثَّل بصُورته. أسلم يومَ الفَتْحِ، وتوفي في خلافة عثمان سنة (24 هـ). أخباره في الاستيعاب (582)، وتهذيب الكمال (10/ 214)، والعقد الثَّمين (4/ 523)، والإصابة (3/ 39)، وشدرات الذَّهب (1/ 35)، فهل هو المقصود؟
(¬4) دِحْيَةُ بنُ خَلِيفَةَ بنِ فَرْوَة الكَلْبِي، صحَابِيٌّ مَشْهُوْرٌ. له أَخْبَارٌ في طبقات ابن سعد (4/ 249)، والاستيعاب (2/ 261)، والأنساب (10/ 452)، وتهذيب الكمال (8/ 473)، والإصابة (1/ 473).
(¬5) البيت في "الاستذكار".
الصفحة 363