كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
[كتَابُ السَّلام] (¬1)
[العَمَلُ في السَّلام]
[قَوْلُهُ: "إِنَّمَا يقُوْلُ: السَّامُ عَلَيكُمْ"] [3]: السَّامُ: المَوْتُ، أَي: سُلِّطَ عَلَيكُمُ المَوْتُ والهَلاكُ، فَأُمِرَ المَرْء أَنْ يَرُدَّ عَلَيهِمْ فَيقالُ: عَلَيكُمْ، وَلِذلِكَ كَانَ الوَجْهُ إِسْقَاطُ الوَاو؛ لأنَّ الوَاوَ تُوْجِبُ الاشْتِرَاكِ، ويَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنّهَا زَائِدَةٌ في رِوَايَةِ مَنْ زَادَهَا، وإِنَّمَا ذُكِرَتْ لتُسْتَعْمَلَ مِنَ الألْغَازِ في رَدِّ السَّلامِ عَلَيهِمْ مِثْلُ مَا يَسْتَعْمِلُوْنَهُ في ابتِدَائِهِ، وَكَانَ بَعْضُ العُلَمَاءِ يَرَى أَنْ يُقَال لَهُمْ: السِّلامُ عَلَيكُم بِكَسْرِ السِّينِ أَي: الحِجَارَةُ (¬2). والأحْسَنُ اتِّبَاعُ الحَدِيثِ، وإِلَّا فَثَمَّ مِنَ الألْفَاظِ المُشْتَرَكَةِ مَا هُوَ أَقْوَى إِلْغَازًا مِنْ ذلِكَ، مِثْلُ السَّلامُ -بِفَتْحِ السين- وَهِيَ لَفْظَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ، وَبِمَعْنَى البَرَاءَةُ مِنَ الشَّيءِ، وَمِنْهُ [قَوْلُهُ تَعَالى] (¬3): {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ .. } الآية (¬4). والسَّلامُ -أَيضًا- ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ (¬5) وَاحِدُهَا سَلامَةٌ. ويَمْكِنُ أَنْ يُرَدَّ عَلَيهِمْ بِصَلَّمَكَ الله -بالصَّادِ- أَي: قَطَعَ أُذُنَيكَ.
¬__________
(¬1) المُوطَّأ رواية يحيى (2/ 959)، ورواية أبي مُصْعَبٍ الزُّهري (2/ 139)، ورواية سُوَيدِ (479)، ورواية محمد بن الحسن (323)، وتفسير غريب الموطَّأ (2/ 154)، والاستذكار (27/ 134)، والمنتقى لأبي الوليد (7/ 279)، وتنوير الحوالك (3/ 132)، وشرح الزُّرقاني (4/ 357).
(¬2) اللِّسان: "سلم".
(¬3) سورة الفرقان، الآية: 63.
(¬4) قال ابنُ الجَوْزِيِّ في زاد المسير (6/ 101): "وقال مقاتل بن حيان: {قَالُوا سَلَامًا} أي قولًا يسلمون فيه من الإثم". ويُراجع: مفردات القرآن (422)، والمحرر الوجيز (11/ 67).
(¬5) اللِّسان: "سلم".
الصفحة 367