كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

والفِدْيَةُ: أَخْذُ الأكْثرِ والأقَلِّ (¬1).
- وَقَوْلُهَا: "لَا أنَا وَلَا ثَابِتُ" [31]. كَلامٌ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: لَا أَنَا صَاحِبَةُ ثَابِتٍ ولا ثَابِتٌ صَاحِبِي، فَحَذَفَ خَبَرَ المُبْتَدَأَينِ، وَعَطَف جُمْلَة عَلَى جُمْلَةٍ، وَهُوَ كَلامٌ اسْتَعْمَلَهُ العَرَبُ في التَّبرِّي والانْتِفَاءِ (¬2) مِنَ الشَّيءِ، فَيُقَالُ: لَا أَنَا وَلَا زَيدٌ عَلَى ذلِكَ التَّقْدِيرِ، وَرُبَّمَا أَظْهَرُوا الأخْبَارَ كَمَا قَال [تَعَالى] (¬3): {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}. وَقَدْ يَجُوْزُ أَنْ تكُوْنَ "لَا" هَذِهِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى "لَيسَ" فَيَرْتَفِعُ مَا بَعْدَهَا، وَيَكُوْنُ ضَمِيرُهَا مَحْذُوْفًا، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الكُوْفِيِّينَ؛ لأنَّهُمْ يُجِيزُوْنَ فِي "لَا" الَّتِي بِمَعْنَى "لَيسَ" أَنْ تَعْمَلَ في المَعْرِفَةِ والنكِرَةِ، وَلَا يُجِيزُ ذلِكَ البَصْرِيُّوْنَ إِلَّا في النكِرَةِ (¬4).
و"الفَاحِشَةُ": اسمٌ يَقَعُ عَلَى كُلِّ قَبِيحٍ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، فَاحَشَ الرَّجُل صَاحِبَهُ مُفَاحَشَةً: إِذَا شَاتَمَهُ، وفَاحِشٌ وفَحَّاشٌ: بَذِيءُ اللِّسَانِ.
- وقَال في قَوْلِهِ [تَعَالى] (¬5): {إلا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} أَنْ لَا تَغْتَسِلَ مِنْ جَنَايةٍ (¬6). وَقِيلَ: المُرَادُ بالفَاحِشَةِ المُبيِّنَةِ: الزِّنَا، قَالهُ
¬__________
(¬1) في (س): "الأقل والأكثر".
(¬2) الأصل: "الأكفاء".
(¬3) سورة الممتحنة، الآية: 10.
(¬4) قَال بنُ مَالِكٍ في الألْفِيَّةِ:
فِي النَّكِرَاتِ أُعْمَلَتْ كـ"لَيسَ" "لَا" ... وَقَدْ تَلي "لاتَ" "وإنْ" ذَا العَمَلا
(¬5) سورة البقرة، الآية: 229.
(¬6) المُحرَّر الوَجيزُ (2/ 281)، وفيه: "وتَرْكُ إقَامَةِ حُدُوْدِ اللهِ هو اسْتِحْقَاقُ المَرْأَةِ بحَقِّ، =

الصفحة 38