كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
المَنْظَرِ" رُؤْيَةُ مَا لَا يَسُرُّ.
-[قَوْلُهُ: "بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ"]. التَّامَّاتُ: صِفَةٌ يُرَادُ بِهَا المَدْحُ، وَلَا يُرَادُ بِهَا الفَرْقُ بَين مَوْصُوْفَينِ أَحَدُهُمَا تَامٌّ والآحرُ نَاقِصٌ؛ لأنَّ كَلِمَاتُ اللهُ لَا نَقْصَ في شَيءٍ مِنْهَا، وإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلهِ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وَ [قَوْلُهُ تَعَالى] (¬1): {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} ونَحْوهَا مِنَ الصفَاتِ الَّتِي يُرَادُ بِهَا المَدْحُ أَو الذَّمُّ لَا الفَرْقَ، وَكَذلِكَ قَوْلُهُ [تَعَالى] (¬2): {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} لأنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ عَلَى الخَلْقِ صَوْمُ الشَّهْرِ الَّذِي أُنْزِلَ فيهِ القُرْآن دُوْنَ غَيره.
[مَا جَاءَ في الوحْدَةِ في السَّفَرِ للرِّجَالِ والنِّسَاءِ]
-[قَوْلُهُ: "الرَّاكِبُ شَيطَانٌ"] [35]. وَلَمَّا كَانَتِ الوحْدَةُ مِنْ مَقَابِحِ الأخْلاقِ التِي تَدُلُّ عَلَى [ ... ] (¬3) وبُغْضِ النَّاسِ والحَسَدِ، بِضِدِّ الألْفَةِ التِي هِيَ مِنْ مَحَاسِنِ الأخْلاقِ. وَكَانَتْ الصِّفَاتُ القَبِيحَةُ تُنْسَبُ إِلَى الشَّيَاطِينِ، وَمَنُ تَخَلَّقَ بِأخلاقِهِم كَانَ بِمَنْزِلَتِهِمْ، هَذَا وَجْهٌ. وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ العَربَ كَانَتْ تُسَمِّي كُل مَنْ ألفِ القِفَارَ واعْتزلَ النَّاسَ جِنِّيًّا وشَيطَانًا.
- وَرَوَى حَدِيثَ أبِي هُرَيرَةَ [37] "لَا يَحِلُّ لامْرَأةٍ تُؤمنُ بالله واليَوْمِ الآخِرِ أنْ تُسَافِرَ بَرِيدًا" وَرُويَ "يَوْمَينِ"] وَرُويَ "ثَلاثَةُ أيَّامٍ"] وَرُويَ: "ثَلاثَةُ أيَّامٍ
¬__________
(¬1) سورة المائدة، الآية: 44.
(¬2) سورة البقرة، الآية: 185.
(¬3) كلمة غير واضحة، لعلَّها "الهجر".
الصفحة 380