كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

لَئِنْ قَال مَا قَال: فَمَا عَلِمْتُهُ إلَّا ضَيِّقَ العَطَنِ، زَمْرَ المُرُوْءَة (¬1)، أَحْمَقَ الأبِ، لَئِيمَ الخَال، حَدِيث الغِنَى. فَرَأَى الكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَال: يَا رَسُوْل - صلى الله عليه وسلم - رَضِيتُ فَقُلْتُ أَحْسَنَ مَا عَلِمتُ، وَسَخِطْتُ فَقُلْتُ أَقْبَحَ مَا عَلِمْتُ، وَمَا كَذَبْتُ في الأوْلَى، وَلكِنْ صَدَقْتُ في الأُخْرَى. فَقَال رَسُوْل اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. "إنَّ مِنَ البيَانِ لَسِحْرًا، وإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً" (¬2). وَكَانَ عَمْرٌو مِمَّنْ جُمِعَ لَهُ البَيَانُ نَثْرًا ونَظمًا، وَكَانَ يُقَال: كَأَنَّ كَلامَهُ وَشْيٌ مَحُوْكٌ، وَكَأنَّ شَعْرَهُ حُلَل مُنَشَّرَةٌ عِنْدَ المُلُوْكِ (¬3)، وَهُوَ القَائِلُ (¬4):
¬__________
(¬1) في اللِّسان: (زمر) "وَرَجَلٌ زَمْرٌ: قليلُ المُرُوْءَةِ".
(¬2) يُراجع: البيان والتَّبيين (1/ 42)، وزهر الآداب (1/ 38، 39) ... وغيرها. والمثل في جمهرة الأمثال (1/ 13)، والمستقصى (1/ 414).
(¬3) البيان والتَّبيين (1/ 1، 21)، والشِّعر والشُعراء (401)، وزهر الآداب (1/ 39)، والإصابة (7/ 86).
(¬4) الأبياتُ المَذْكُوْرَةُ من قَصِيدَةٍ له جَيدَةٍ ذكرها جامع شعره (91)، فما بعدها، اختارها أصحابُ المجَامع الشِّعرية كالمُفَضَّليات (15، 127)، والحماسة البصرية (1/ 93)، ومنها أبيات في زَهْرِ الآداب (1/ 39)، وبَهْجَة المَجَالس (1/ 300)، وعُيُون الأخبار (1/ 342)، وذكر جملة منها المُتَرْجِمُون لحياتِهِ على أنَّها من النَّماذج الدَّالة على قوةِ شَاعِرِيَّتِهِ، ونُبْلِهِ، وَكَرَمِ أَخْلاقِهِ، وَشَهَامَتِهِ. يُراجع: معجم الشُّعراء (21)، وأسد الغابة (4/ 197)، وأولها:
أَلا طَرَقَتْ أسْمَاءُ وَهِيَ طَرُوْقُ ... وَبَانَتْ عَلَى أَن الخَيَال يَشُوْقُ
بِحَاجَةِ مَحْزُوْنٍ كَأَنَّ فُؤَادَهُ ... جَنَاحٌ وَهَى عَظْمَاهُ فَهْوَ خَفُوْقُ
وَهَانَ عَلَى أَسْمَاءَ أَنْ شَطَّتِ النَّوَى ... يَحِنُّ إلَيهَا وَالِهٌ وَيَتُوْقُ
ذَرِيني فَإِنَّ البُخْلَ ...... ... ................... =

الصفحة 386