كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

[كتابُ جَهَنَّمَ] (¬1)
[مَا جَاءَ في صِفَةِ جَهَنَّمَ]
-[قَوْلُهُ: "لَهِيَ أَسْوَدُ مِنَ القَارِ"] [2]. أَجْمَعَ الرُّوَاةُ عَلَى قَوْلهِ: "أَسْوَدُ" وإِنَّمَا الوَجْهُ لَهِيَ أَشَدُّ سَوَادًا، ونَظِيرُهُ قَوْلُ عُمَرَ: "فَهْوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ" والقِيَاسُ: أَشَدُّ إِضَاعَةٌ، وأَكَثْرُ مَا يَأْتِي مِثْلُ هَذَا في الشِّعْرِ كَقَوْلهِ (¬2):
* أَبْيَضُ مِنْ أخْتِ بني أباضِ *
وَقَال ذُو الرُّمَّةِ:
وَمَا شَنَّتَا خَرْقَاءَ وَاهِيَةُ الكُلَى ... سَقَى بِهِمَا سَاقٍ وَلَمَّا تَبَلَّلا
بِأضيَعَ مِنْ عَينَيكَ لِلْمَاءِ كُلَّمَا ... تَوَهَّمْتَ رَبْعًا أَوْ تَذَكَّرْتَ مَنْزِلًا
-[قَوْلُهُ: "جَهَنَّمُ"]. النُّوْنُ زَائِدَةٌ، وَيَكُوْنُ وَزْنُهَا "فَعَيَّلًا" وَهَذَا بِنَاءٌ غَيرُ مَعْرُوْفٍ، والَّذِي عَلَيهِ الجُمْهُوْرُ إِنَّهُ اسمٌ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ (¬3).
¬__________
(¬1) الموطَّأ رواية يحيى (2/ 994)، ورواية أبي مُصْعَبٍ (2/ 173)، ورواية سُوَيدٍ (528)، والاستذكار (27/ 390)، والمنتقى لأبي الوليد (7/ 318)، والقبس لابن العَرَبِي (3/ 1193)، وتنوير الحوالك (3/ 155)، وشرح الزُّرقاني (4/ 416).
(¬2) تقدَّم ذكره وذكر الشَّواهد المتصلة به فيما سَبَقَ.
(¬3) يُراجع: المُعَرَّبُ للجَوَاليقي (155)، وقصد السَّبيل (1/ 413)، وهو في الصحاح، واللسان، والتَّاج (جهنم). وقال ابنُ برِّي رحمه الله: "مَنْ جَعَلَ جَهَنَم عَرَبِيًّا احتَجَّ بِقَوْلهِم: بئرٌ جَهَنَّمُ، ويَكُوْنُ امتناعُ صَرْفِها للتأنيثِ والتَّعرِيفِ. وَمَنْ جَعَلَهَا اسمًا أعْجَمِيًّا احتَجَّ بقولِ الأعْشَى:
* وَدَعَوْ لَهُ ... جِهِنَّامَ ... * "
فَلَمْ يَصْرِفْ، فَتكوْنُ جَهَنَّمُ على هَذَا لا تَنْصَرِفُ للتَّعريفِ والعُجْمَةِ والتأنيثِ أَيضًا ... ".

الصفحة 393