كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

نَقَصَتْ صدَقَةٌ مِنْ مَالٍ" مِنَ الكَلامِ المَقْلُوْبِ (¬1) وأَنَّ المَقْصُوْدَ: مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صدَقةٍ، وَهَذَا غَلَطٌ عَرَضَ لِصَاحِبِهِ مِنْ أَجْلِ أنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ "نَقَصَ" لَا يَتَعَدَّى إلى مَفْعُوْلٍ، وَهَذِهِ كَلِمَةٌ تَغْلَطُ فِيهَا العَامَّةُ، يَقُوْلُوْنَ: نَقَصَ الشَّيءُ فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يُعَدُّوْهُ لِمَفْعُوْلٍ قَالُوا: أَنْقَصْتُهُ، كَمَا يُقَالُ: قَامَ زَيدٌ وأَقَمْتُهُ، والصَّحِيحُ أَنهُ يُقَالُ: نَقَصَ الشَّيءُ وَنَقَصْتُهُ أَنَا، كَمَا يُقَالُ: زَادَ وَزِدْتُهُ أَنَا، وَقَال تَعَالى (¬2): {أَو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3)} فَمَعْنَى الحَدِيثِ: لَا تُنْقِصُ صدَقَةٌ مَالًا، وَدَخَلَتْ "مِنْ" لِلتبْعِيضِ، كَمَا يُقَالُ: شَرِبْتُ مِنَ المَاءِ.

[مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّدَقَةِ]
-[قَوْلُهُ: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لآلِ مُحَمَّدٍ"] [13] آلُ مُحَمَّدٍ، هُمْ بَنُو هَاشِمٍ (¬3)، وَقِيلَ: بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو [عَبْدِ] المُطَّلِبِ، وَقِيلَ بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَقِيلَ: قُرَيشُ كُلُّهَا لَا تَحِلُّ لَهُمُ الصَّدَقَةُ، وَمَوْلَى القَوْمِ مِنْهُمْ. والصَّدَقَةُ المُحَرَّمَةُ عَلَيهِمْ عِنْدَ
¬__________
(¬1) نقله اليَفْرَنِيُّ في "الاقْتِضَابِ".
(¬2) سُورة المُزَّمل.
(¬3) في "الاقْتِضَابِ" لليَفْرُني: "الاخْتِلافُ في آلِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ تَحْرَمُ عليهم الصَّدَقَةُ في "الكَبِيرِ" وقد اختَلَفَ أَصْحَابُ مالك فيه، فَقَال ابنُ القَاسِمِ إِنما ذلِكَ في بني هَاشِمٍ. وَرَوَاهُ عَبْدُ الملكِ بن حَبِيبٍ عنْ مُطَرِّفٍ وابن المَاجُشُوْنَ فانْظُرْهُ هُنَاك". وكِتَابُهُ الكَبِيرُ إِنَّمَا هُوَ: "المُخْتَارُ الجَامِعُ بَينَ المُنْتَقَى والاسْتِذْكَار" وَقَدْ رَجَعْتُ إِلَيهِ، وَوَجَدْتُ الإحَالةَ فِيهِ في الجُزْءِ الأخِيرِ من نُسخة الخزانة العامة بالرباط رقم (176) في الصفحات (369، 371)، ويُراجع: تفسير غريب الموطَّأ لابن حبيب (2/ 222)، قال: "هكذا فسَّرَهُ لي مُطَرِّفٌ وابن المَاجِشُوْنَ في ذلِكَ عندما كاشفتهما عنه وقالهُ ابنُ عَبْدِ الحَكَمِ، وابن نَافِعٍ أَيضًا".

الصفحة 398