كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

يَتَعَدَّى فِعْلُهُ مِنْهُمَا عَلَى فُعُوْلٍ، والمُتَعَدِّي عَلَى فَعْلٍ، وَقِيلَ فِي المتَّعَدِّي (¬1): خَطَبْتُ المَرْأَةَ خَطْبًا، وَفِي غَيرِ المُتَعَدِّي خُطُوْبًا، وَلكِنْ كُرِهَ اسْتِعْمَالُ ذلِكَ لِئَلَّا يَلْتَبِسُ، وَوُضِعَ غَيرُهُ مَوْضِعَهُ، قَال: والخِطْبَةُ: اسْمُ مَا يُخطَبُ بِهِ في النِّكَاحِ خَاصَّةً، وبالضَمِّ: مَا يُخْطَبُ بِهِ في كلِّ شَيءٍ، ودَلِيلُ ذلِكَ قَوْلُهُمْ: "كانَ رَسُوْلُ اللهِ [- صلى الله عليه وسلم -] يُعَلِّمُنا الخطْبة فِي النكاحِ والحَاجَةِ" كَذَا رُويَ بالضَّمِّ. وقَال الزَّجَّاجُ (¬2): الخُطْبَة -بالضَّمِّ- فِيمَا لهُ أَوَّلُ وآخرُ، فَدَلَّ على أَنَّ الخِطْبَةَ -بالكَسْرِ- في النِّكَاحِ؛ لأنَّه أمرٌ لا يَتَعَيَّنُ لَهُ أَوَّلُ ولا آخرُ.
- و [قَوْلُهُ (¬3): {وَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [3]. التَّعْرِيضُ: مَأْخُوْذٌ مِنْ تَعَرَّضَتِ الدَّابَّةُ فِي المَشْيِ: إِذَا أَخَذَتْ يَمِينًا وشِمَالًا، وتَرَكَتِ المَشْيُ عَلَى اسْتِقَامَة، وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ اللهِ ذِي البِجَادَينِ (¬4) يُخَاطِبُ نَاقَةَ
¬__________
(¬1) في الأصل: "التَّعدي".
(¬2) أَبُو إِسْحاق إبراهيم بن السَّري البَغدَادِيُّ النَّحوي (ت 311 هـ). أَخْبَارُهُ في: تاريخ بغداد (6/ 89)، وإنباه الرُّواه (1591)، وبُغية الوُعاة (2/ 411).
(¬3) سورة البقرة، الآية: 235.
(¬4) صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، اسمُهُ عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ نُهْمِ بنِ عَفِيفِ بنِ سُحَيمِ بنِ عَدِيِّ بنِ ثَعْلَبةَ بن سَعْدٍ المُزَنيُّ، وَهُوَ عَمُ عَبدِ الله بنِ مُغَفَّلِ بن عَبْدِ نُهْمٍ ... وَكَانَ اسمُ ذِي البِجَادَينِ: عَبْدَ العُزَّى فَغَيرَهُ النَّبي - صلى الله عليه وسلم -. وَلِتَلْقِيبِهِ بـ "ذِي البِجَادَينِ" في قِصَّة رَوَاهَا الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ وغَيرُهُ وأَوْرَدُوا الأبْيَاتَ المَذْكُوْرَةَ هُنَا. يُرَاجع: الإصابة (4/ 161، 163)، ونزهَة الألباب في الألْقَاب (280)، وأُسد الغَابة (3/ 227)، ومِنَح المَدْح (100)، ونسَبَ مؤلَّفه الأبْيَات مَرَّة أَخْرَى ص (332) إلى يَسَار مَوْلَى بُرِيدَةَ بنِ الخَصِيبِ. أَنْشَدَهَا ابنُ دُرَيدٍ في الجَمْهَرَةِ (447، 478، 1330)، والاشْتِقَاقِ (217)، وأَبُو عَلِي القالي في الأمالي (1/ 121)، وابنُ فَارِسٍ في =

الصفحة 4