كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
- وَقَوْلُهُ: "وإيَّايَ". أَي: جَنِّبني نَعَمْ ابنُ عَفَّان، أَي: جَنِّبيي إِدْخَالُهَا في الحِمَى فَلَمَّا حَذَفَ الفِعْلَ أَتى بالضمِيرِ المُنْفَصِلِ، والنَعَمُ: الإبِلُ مُفْرَدَةً وَمَعَ غَيرِهَا، فَإِنْ انْفَرَدَ غَيرُهَا دُوْنَهَا لَمْ تُسَمَّ نَعَمًا.
- وَقَوْلُهُ: "يَرْجِعَانِ". كَذَا الرِّوَايَةُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ في العَرَبِيّةِ، وإِنَّمَا يَجِيئُ في الشِّعْرِ عَلَى مَعْنَى التقدِيمِ والتأْخِيرِ، كَأَنَّهُ قَال: فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ إِنْ تَهْلَكْ مَاشِيَتُهُما، هَذَا تَقْدِيرُهُ عِنْدَ سِيبَوَيهِ، وَتَقْدِيرُهُ عِنْدَ المُبَرِّدِ: إِنْ تَهْلَكْ مَاشِيَتُهُمَا فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ، قَال الشَّاعِرُ (¬1):
أَأَقْرَعَ بنَ حَابِسٍ يَا أقْرَعُ ... إِنَّكَ إِنْ يُصْرَعْ أَخُوْكَ تُصْرَعُ
تَقْدِيرُهُ عِنْدَ سِيبَوَيهِ: إِنَّكَ تُصْرَعُ إِنْ يُصْرَعْ أَخُوْكَ، وَعِنْدَ المُبَرِّدِ إِنْ يُصْرَعْ أَخُوْكَ
¬__________
(¬1) هوَ جَرِيرُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَجَلِي، أَوْ عُمَرُ بنُ خُثَارِمٍ البَجَلِي أَيضًا، في مُنَافَرَة بينَ جَرِيرٍ وخَالِدِ بنِ أَرْضَأةَ الوَالِبِي إِلَى الأقْرَعِ بنِ حَابِسٍ السَّعْدِيِّ التَّمِيمِي، وَكَانَ عَالِمُ العَرَبِ في زَمَانِهِ. فَنَفرَ جَرِيرًا، وذلِكَ في الجَاهِلِيةِ فَقَدْ قَال الأقْرَعُ لِجَرِيرٍ: واللَّاتِ والعُزَّى لَوْ نَافَرْتَ قَيصَرَ مَلِكَ الرُّوْمِ، وكِسْرَى عَظِيمَ الفُرْسِ، والنُّعْمَانَ مَلِكَ العَرَبِ لَنُفِّرْتَ عَلَيهِمْ، وَرُويَ: لَنُصِرْتَ عَلَيهِمْ، فَقَال عُمَرُ بنُ خُثارِمٍ الأرْجُوْزَةُ الَّتي مِنْهَا البَيتين، ونَظْمُهَا هكَذَا:
يَا أَقْرَعُ بنُ حَابِسٍ يَا أَقْرَعُ
إِنِّي أَخُوْكَ فانْظُرَنْ مَا تَصْنَعُ
إِنَّكَ إِنْ يُصْرَعْ أَخُوْكَ تُصْرَعُ
يُراجع: خزانة الأدب (3/ 396). ورأي سيبويه في كتابه (1/ 436)، ورأي المبرد في المُقتضب (2/ 72)، ويُراجع؛ أمالي ابن الشَّجري (1/ 125)، وشرح المُفَصَّل لابن يعيش (8/ 157)، ومغني اللَّبيب (533)، وشرح التَّصريح (2/ 349).
الصفحة 404